١٠ ـ ومن كتاب له عليه السّلام
إليه أيضا
وكيف أنت صانع إذا تكشّفت عنك جلابيب ما أنت فيه من دنيا قد تبهّجت بزينتها (١) وخدعت بلذّتها ، دعتك فأجبتها ، وقادتك فاتّبعتها ، وأمرتك فأطعتها. وإنّه يوشك أن يقفك واقف على ما لا ينحيك منه مجنّ (٢) فاقعس عن هذا الأمر ، وخذ أهبة الحساب ، وشمّر لما [قد] نزل بك ، ولا تمكّن الغواة من سمعك ، وإلاّ تفعل أعلمك ما أغفلت من نفسك (٣) فإنّك مترف قد أخذ الشّيطان منك مأخذه ، وبلغ فيك أمله ، وجرى منك مجرى الرّوح والدّم ومتى كنتم يا معاوية ساسة الرّعيّة (٤) وولاة أمر الأمّة ، بغير قدم سابق ، ولا شرف باسق ، ونعوذ باللّه من لزوم سوابق الشّقاء! وأحذّرك أن تكون
__________________
(١) الجلابيب : جمع جلباب ، وهو الثوب فوق جميع الثياب كالملحفة ، وتبهجت : تحسنت ، والضمير فيه وفيما بعده للدنيا
(٢) المجن : الترس ، أى : يوشك أن يطلعك اللّه على مهلكة لك لا تتقى منها بترس ويروى «على ما لا ينجيك منه منج» اسم فاعل من «أنجى» واقعس : تأخر. والأهبة : كالعدة ـ بالضم ـ وزنا ومعنى. والغواة : قرناء السوء يزينون الباطل ويحملون على الفساد
(٣) أى : أنبهك بصدمة القوة إلى ما لم تنتبه إليه من نفسك فتعرف الحق وتقلع عن الباطل ، والمترف : من أطغته النعمة
(٤) ساسة : جمع سائس ، والباسق : العالى الرفيع