فقال له حبيب : لو لا إنّي أعلم أنّي في أثرك لاحق بك من ساعتي هذه ، لأحببت أنْ توصيني بكل ما أهمّك حتّى أحفظك في كلّ ذلك ، بما أنت أهل له في القرابة والدّين.
قال [مسلم] : بل أنا أوصيك بهذا رحمك الله ـ وأهوى بيده إلى الحسين (ع) ـ أنْ تموت دونه.
قال [حبيب] : أفعل وربّ الكعبة.
فما كان بأسرع من أنْ مات في أيديهم [رحمه الله].
فصاحت جارية له : يابن عوسجتاه! يا سيّداه! (١).
[الحملة الثالثة]
وحمل شمر بن ذي الجوشن في الميسرة على أهل الميسرة [من أصحاب الحسين (عليه السّلام)] ، فثبتوا له [و] طاعنوه وأصحابه ، فحمل هانئ بن ثبيت الحضرمي وبكير بن حيّ التيمى [على عبد الله بن عمير] الكلبي ، فقتلاه [رحمه الله] (٢).
_________________
(١) فتنادى أصحاب عمرو بن الحجّاج : قتلنا مسلم بن عوسجة الأسدي.
فقال شبث بن ربعى التميمي لبعض من حوله من أصحابه : ثكلتكم اُمّهاتكم! إنّما تقتلون أنفسكم بأيديكم ، وتُذلّلون أنفسكم لغيركم ، تفرحون أنْ يُقتل مثل مسلم بن عوسجة! أمَا والذي أسلمتُ له ، لربّ موقف له قد رأيته ـ في المسلمين ـ كريم! لقد رأيته يوم سلق (*) آذربايجان ، قتل ستة من المشركين قبل تتامِّ خيول المسلمين. أفيُقتل منكم مثله وتفرحون؟ ٥ / ٤٣٦.
(٢) جاء في هذا الخبر : وكان القتيل الثاني من أصحاب الحسين (ع) ، وهو وهم.
_________________
* سلق : هي جبال في حدود آذربايجان إلى الموصل ، في شمال العراق وغربي إيران ، كما في القمقام / ٤٩٤.