فقالوا له : انصرف ، أين تذهب؟ فأبى عليهم.
وتدافع الفريقان فاضطربوا بالسّياط ، ومضى الحسين (عليه السّلام) على وجهه.
فنادوه : يا حسين ، ألاَ تتّقي الله ، تخرج من الجماعة وتفرّق بين هذه الاُمة!
فتأوّل حسين (عليه السّلام) قول الله عزّ وجلّ : (لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ) (١) و (٢)
قال علي بن الحسين بن علي (عليهما السّلام) : «لمّا خرجنا من مكّة كتب عبد الله بن جعفر ابن أبي طالب (٣) إلى الحسين بن علي (عليه السّلام) مع ابنيه عون ومحمّد (٤) :
أمّا بعد ، فإنّي أسألك بالله لمّا انصرفت حين تنظر في كتابي ؛ فإنّي مشفق عليك من الوجه الذي تتوجّه له أنْ يكون فيه هلاكك واستئصال أهل بيتك ، إنْ هلكت اليوم طفيء نور الأرض ؛ فإنّك علم المهتدين ورجاء المؤمنين ، فلا تعجل بالسّير ، فإنّي في أثر الكتاب ، والسّلام».
_________________
فلجاً إلى أخواله الجُعفيين ، فلمّا دخل عبد الملك الكوفة وبايعوه بايعه واستأمن ٦ / ١٦٢.
(١) سورة يونس / ٤١.
(٢) ٥ / ٣٨ ٥. قال أبو مِخْنف : حدثنى الحرّث بن كعب الوالبي ، عن عقبة بن سمعان ، قال ...
(٣) كان مع أمير المؤمنين (عليه السّلام) في الجمل وأعأنّه على حمل عائشة إلى المدينة ٤ / ٥ ١٠ وكان ممّن يستشيرهم أمير المؤمنين (عليه السّلام) بالكوفة ، وهو الذي أشار إليه بتولية محمّد بن أبي بكر مصراً ، وهو أخوه لاُمّه ٤ / ٥ ٥ ٤. وكان معه في صفّين يتقدم عليه مفاداً له ٥ / ١٤٨. وكان مع الحسن (عليه السّلام) في نهضته ٥ / ١٦٠ ورجع معهما إلى المدينة ٥ / ١٦ ٥. وكان ولداه : محمّد وعون مع الحسين (عليه السّلام) ، فلمّا بلغه مقتلهم ، قال : والله ، لو شهدته لأحببت ألاّ أفارقه حتّى أُقتل معه ٥ / ٤٦٦.
(٤) قُتلا مع الحسين (عليه السّلام) ؛ أمّا عون ، فاُمّه : جمانة بنت المسيّب بن نحببته الفزارى الذي كان من زعماء التوابين ؛ وأما محمّد ، فاُمّه : الخوصاء بنت خصفة بن ثقيف من بكر بن وائل ٥ / ٤٦٩.