الندم عن البعض يبعث عليه ، وإن اشترك الدواعي في الندم على القبيح لقبحه ، وهذا كما في الداعي إلى الفعل وكذا قوله رحمهالله أنّه لا بدّ أن لا يكون التوبة لخوف العقاب ، وطمع الثواب ، بل بمحض القبح ، بعيد. فإنّها واجبة وهما داخلتان في الوجوب ، وأيضا لا فرق بينهما وبين سائر الواجبات فينبغي الاختصار فيها على نيّة القربة ، مع باقي القيود لو ثبت ، لا اشتراط ما يزيد عليه ، وأيضا بأنّه لا يناسب هذه الشريعة بل ما نجد في أنفسنا مثله.
نعم قد يكون موجودا في الأنبياء والأئمّة عليهمالسلام كما نقل عن أمير المؤمنين عليهالسلام : ما عبدتك طمعا في جنّتك ، ولا خوفا من نارك ، ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك ، فتكون مخصوصة بهم عليهمالسلام.
ثمّ اعلم أنّه قال في الكشاف والقاضي : المراد بالّذين أحبار اليهود الّذين جحدوا نبوّة محمّد صلىاللهعليهوآله [وهم يجحدونه] مع كونها مثبتة في التوراة ، وقال في مجمع البيان : المعنى بالآية اليهود والنصارى الّذين كتموا أمر محمّد صلىاللهعليهوآله في نبوّته وهم يجحدونه مع كونه مكتوبا في توراتهم وإنجيلهم.
أقول : على تقدير التسليم ، إنّهم كانوا سبب النزول لا أنّها مقصورة عليهم فإنّ العبرة بعموم اللّفظ لا بخصوص السبب ، كما بيّن في الأصول ، ولهذا حملناها على العموم كما فعله في مجمع البيان أيضا فيستخرج الأحكام المذكورة فكأنّ سبب ترك هذه الآية في آيات الأحكام في كنز العرفان سبب النزول وكونها مقصورة عليهم كما فعله في الكشّاف والقاضي ، وأنت عرفت أنّه ليس بجيّد ومثل هذا فعل في كثير من الآيات ، حيث عمّمت مع كون سبب النزول خاصّا لما مرّ ، ثمّ على تقدير التخصيص أيضا لا يبعد التعميم لفهم العلّة فيستخرج الباقي فتأمّل.