عقلا فإنّ المعتزلة قائلون به ، ولعلّ وجهه أنّ الكريم الغنيّ الّذي لا يتصوّر أكرم منه مع عدم تصوّر ضرر ونفع بالنسبة إليه من أحد ، مع كمال احتياج النادم إليه بحيث لا يمكن التجاؤه إلى غيره فيقبح عقلا ردّه ، وعدم قبول عذره ، وعذابه مع عدم نفعه بعقابه.
وقد يردّ بأنّه مكافأة فلا قبح كما لا قبح في الشاهد الانتقام للتسلية ، ودفع الغصّة والألم ، والأوّل لا يبعد ، والقياس سيّما مع الفارق ظاهر البطلان مع أنّه لا ثمرة في هذا البحث ، فقد تحقّق الإجماع بقبول توبته ، ودليل السمع. أيضا ، قال في مجمع البيان في تفسير (فَتَلَقَّى آدَمُ) الآية أجمع المسلمون على سقوط العقاب عندها أيضا ، وسقوطه تفضّل من الله غير واجب عليه عندنا ، وعند جميع المعتزلة واجب وقال في هذا المحلّ : ووصف نفسه بالرحيم عقيب قوله «التوّاب» يدلّ على أنّ إسقاط العقاب عند التوبة تفضّل من الله سبحانه ورحمة من جهته ، على ما قاله الأصحاب ، وأنّه غير واجب عقلا كما يذهب إليه المعتزلة.
فكان معنى قول سلطان المحقّقين خواجه نصير الدين قدّس الله روحه في التجريد بعدم وجوب سقوط الذنب عند التوبة أنّه ليس بواجب عقلا إذ نقل إجماع المسلمين على ذلك وأدلّة النقل متظافرة عليه ، ثمّ الكلام في أنّه هل يتحقّق التوبة عن بعض الذنوب أم لا؟ ، والظاهر الأوّل لأنّ الّذي يظهر أنّها عبارة عن الندم على القبيح وعدم العزم على العود ، وهي أعمّ من الكلّ والبعض ، ودليل القبول العقليّ والنقليّ مشترك ، واشتراطها بكونها مقيّدة بالندامة والعزم ، من حيث كون القبيح قبيحا فلا يمكن التحقّق عن البعض دون البعض ، وإلّا لم يتحقّق الشرط كما يفهم من أوّل كلام المحقّق المذكور ، على تقدير تسليم الشرطيّة الّتي هي منفيّة بالأصل لا نسلّم عدم تحقّقه إذ لا منافاة بين كون القبيح سببا للترك والندامة في البعض ، وبين عدمه في البعض كما في فعل بعض الواجبات لحسنة دون البعض مع الاشتراك فيه.
وأيضا تراهما واقعين بين الناس ، مع أنّه غير مناسب للشريعة السهلة ولهذا رجع عنه المحقّق في آخر كلامه حيث قال : والتحقيق أنّ ترجيح الداعي إلى