أي أقرب إلى (أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها) على نحو ما حمّلوها من غير تحريف وخيانة فيها (أَوْ يَخافُوا) أقرب إلى أن يخافوا (أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ) أن يردّوا اليمين على المدّعين بعد أيمانهم ، فيفتضحوا بظهور الخيانة واليمين الكاذبة وإنّما جمع الضمير لأنّه حكم يعمّ الشهود كلّهم ، وهذا تصريح منه بأنّ المراد الشهود لا الأوصياء.
(وَاتَّقُوا اللهَ) في معاصيه بارتكاب أوامره وترك نواهيه ، وأقبلوا ما توصون به وأسمعوه بسمع إجابة (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) أي فان لم تتّقوا ولم تسمعوا كنتم قوما فاسقين ، والله لا يهديهم إلى حجّة أو إلى طريق الجنّة ، بمعنى أنّه يتركهم وأنفسهم حتّى لا يختارون تلك الهداية بل الضلالة.
وليتبع به النظر في حال أولاده وحفظ أموالهم ، وهو البحث عن اليتامى وفيه آيات :
الاولى : (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً) (١).
أمر الله تعالى أوّلا المكلّفين الّذين بأيديهم أموال من لا أب له من الأطفال بأن يعطوهم إمّا بأن يسلموا إلى أوليائهم إن لم يكونوا أولياء ، وبأن يطعموهم إن كانوا أولياء ، أو إليهم ولكن بعد البلوغ والرشد بالدليل العقليّ والنقليّ ، وهو ظاهر ، فيكون اليتيم حينئذ مجازا لأنّه في اللغة من مات أبوه مع عدم بلوغه ، باعتبار ما كان قبل البلوغ ، وعبّر به للإشارة إلى المبالغة في عدم التأخير بعد تحقّقهما ثمّ نهى عن استبدال أموالهم الّتي هو خبيث أي رديء بالنسبة إلى الآخرة يعني به الحرام ، وإن كان جيّدا صورة ونفعا في الدنيا ، بأموال أنفسهم الحلال الطيّب أي لا تتصرّفوا في أموالهم بدل تصرّفكم في أموالكم.
فهي نهي لتحريم التصرّف في أموالهم ، وإشارة إلى أنّ ذلك خبيث ، والتصرّف
__________________
(١) النساء : ٢.