بعضا باللقب السوء الّذي لا يرضى به صاحبه ، النبز مختصّ باللقب السوء عرفا (بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ) أي بئس الجمع بين الايمان والفسق ، فلا يطلق الفاسق على المؤمن ، وفيه إشعار بعدم الاجتماع بينهما فتأمّل (وَمَنْ لَمْ يَتُبْ) عمّا نهي عنه (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) بوضع العصيان موضع الطاعة ، وتعريض النفس للعذاب.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ) (١) : أي كونوا على جانب منه وإنّما ذكر الكثير ليحتاط في كلّ ظنّ ، ويتأمّل حتّى يعلم أنّه من أيّ قبيل من الظنّ ، فانّ منه ما يجب اتّباعه كالظنّ ، حيث لا قاطع فيه من العمليّات ، وحسن الظنّ بالله ، وما يحرم كالظنّ في الالهيّات والنبوّات والامامات وحيث يخالفه قاطع ، وظنّ السوء بالله وبالمؤمنين ، ومباح كالظنّ في أمور المعاش (إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) تعليل للأمر ، والإثم الذنب الّذي يستحقّ به العقاب (وَلا تَجَسَّسُوا) : ولا تبحثوا عن عورات المسلمين ، والنهي عن تتّبع عورات المسلمين في الأخبار كثير مثل لا تتبّعوا عورات المسلمين فانّ من تتبّع عوراتهم تتبّع الله عورته حتّى يفضحه ولو في جوف بيته (٢).
(وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) أي لا يذكر بعضكم بعضا بالسوء قولا أو فعلا إشارة وكناية ، وصريحا ، وبالجملة هي ما يفهم من قوله صلىاللهعليهوآله حين سئل عن الغيبة ذكرك أخاك بما يكره ، فان كان فيه فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه فقد بهتّه ، لعلّ المراد بالذكر إظهار ما يكره باللّسان وغيره ، كما ذكره العلماء وصرّح به في الروايات (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً) تمثيلا لما يناله المغتاب من عرض المغتاب على أفحش وجه ، مع مبالغات : الاستفهام المقرّر ، والإسناد إلى أحد ، فإنّه للتعميم وتعليق المحبّة بما هو في غاية الكراهة ، وتمثيل الاغتياب بأكل لحم الإنسان ، وجعل المأكول لحم الأخ الميّت ، وتعقيب ذلك بقوله (فَكَرِهْتُمُوهُ) تقريرا وتحقيقا لذلك ، والمعنى إن صحّ ذلك أو عرض عليكم فقد كرهتموه ، ولا يمكنكم إنكار
__________________
(١) الحجرات : ١٢.
(٢) الكافي ج ٢ ص ٣٥٤.