من الشرك وقتل النفس بغير حقّ والزنا «وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً ، [يضاعف إثمه] أي يأثم بالشرك وغيره ، وهم مخلّدون في النار إلّا التائب المؤمن الّذي يعمل عملا فإنّه يبدّل الله سيّئاته حسنات أي يمحو سيّئاته بالتوبة ويثبت مكانها الحسنات والطاعة والتقوى ، وكذا (لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) لا يجلسون ولا يحضرون مجالس الخطائين ولا يقربونها تنزّها وصيانة لدينهم ، لأنّ مشاهدة الباطل على وجه الرضا به شرك فيه ، ولذلك قيل في النظارة إلى كلّ ما لم تسوّغه الشريعة : هم شركاء فاعليّة في الإثم ، لأنّ حضورهم ونظرهم دليل الرضا به ، وسبب وجوده ، لأنّ الّذي سلّطه على فعله هو استحسان النظارة في النظر ، ورغبتهم إليه ، ويحتمل أن يكون لا يشهدون شهادة الزور أي لا يكذبون في الشهادة ، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.
(وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً) اللّغو كلّ ما ينبغي أن يلغى ويطرح ، والمعنى وإذا مرّوا بأهل اللغو والمشتغلين به ، مرّوا معرضين عنه مكرمين أنفسهم عن التوقّف عليهم والخوض معهم كقوله (وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ) (١) وإذا ذكّروا بآيات الله ، أي إذا سمعوا بها أكبّوا عليها حرصا على استماعها وأقبلوا سامعين والعاملين بها والمتّعظين ، لا كالأصمّ والأعمى ، ويدعون ويقولون في دعائهم (رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ) أي ارزقنا من الأزواج والأولاد أزواجا وأعقابا يكونون قرّة عين لنا نسرّ بهم ، فيكون عملهم الطاعة والتقوى وما كان الله راض به (وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً) وأن يكونوا للمتّقين التابعين لله مخالطا وإماما لهم يقتدون بهم في دينهم للعلم والعمل ، وذلك موجب للجزاء العظيم المذكور بقوله (أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ) الآية ، وبالجملة الآيات الشريفة دالّة على راجحيّة وحسن هذه الأوصاف الوجوديّة ، وأنّ لها دخلا في كمال الايمان مثل المرور باللّغو كراما ومرجوحيّة الصفات القبيحة مثل الشرك والرياء (٢) فلا بدّ من الاتّصاف بالأول وترك الثواني ، الله الموفّق.
__________________
(١) القصص : ٥٥.
(٢) الزنا خ.