مجاوزة الحدّ في النفقة ، والإقتار التقصير عمّا لا بدّ منه عن إبراهيم النخعيّ ، وروي عن معاذ أنّه قال : سألت رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال من أعطى في غير حقّ فقد أسرف ، ومن منع من غير حقّ فقد قتر ، وروي عن أمير المؤمنين علىّ عليهالسلام أنّه قال : ليس في المأكول والمشروب سرف وإن كثر ، (وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) أي وكان إنفاقهم بين الإسراف والإقتار لا إسرافا فيدخلون في المبذّر ، ولا تضييقا فيصيرون به في المانع لما يجب ، وهذا هو المحدود ، والقوام من العيش ما أقامك وأغناك وقيل القوام بالفتح العدل ، وبالكسر ما يقوم به الأمر ويستقرّ عن ثعلب ، وقال أبو عبد الله عليهالسلام : القوام هو الوسط ، وقال عليهالسلام : أربعة لا يستجاب لهم دعوة إلى قوله «ورجل كان له مال فأفسده فيقول يا ربّ ارزقني ، فيقول ألم آمرك بالاقتصاد؟ (١) في الكشّاف القتر والإقتار التضييق الّذي هو نقيض الإسراف ، والإسراف مجاوزة الحدّ في النفقة ، وصفهم بالقصد الّذي هو بين الغلوّ والتقتير ، وبمثله أمر رسوله صلىاللهعليهوآله (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ) (٢) وقيل : الإسراف إنّما هو الإنفاق في المعاصي ، فأمّا في القرب فلا إسراف ، وسمع رجل رجلا يقول : لا خير في الإسراف فقال لا إسراف في الخير ويؤيّده ما في الصحيح عنه صلىاللهعليهوآله لعليّ عليهالسلام : وأمّا الصدقة فجهدك حتّى تقول قد أسرفت ولم تسرف.
ثمّ قال القوام العدل بين الشيئين لاستقامة الطرفين واعتدالهما ، ونظير القوام من الاستقامة السواء من الاستواء وقرئ قواما بالكسر وهو ما يقام به الشيء ، يقال أنت قوامنا يعني ما يقام به الحاجة لا يفضل عنها ولا ينقص ، والمنصوبان أعني (بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) جائز أن يكونا خبرين معا ، وأن يجعل «بين ذلك» ظرفا لغوا و «قواما» مستقرّا وأن يكون الظرف خبرا وقواما حالا مؤكّدة.
(وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ) الآيات ، أي أولئك كما هم موصوفون بتلك الصفات الوجوديّة مبرّؤن عن هذه الصفات المقبّحة الّتي اتّصف أعداؤهم أي المشركون بها
__________________
(١) راجع الكافي ج ٦ ص ٢٧٩ ، ج ٢ ص ٥١٠.
(٢) أسرى : ٢٩.