عليهالسلام : لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، فان قلت : ما تصنع بقوله تعالى (فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ) (١) وهو يشمل الأب ، وهذا منع من النكاح فلا تكون طاعته واجبة فيه ، أو منع من المستحبّ فلا تجب طاعته في ترك المستحبّ قلت الآية في الأزواج ، ولو سلّم الشمول أو التمسّك في ذلك بتحريم العضل فالوجه فيه أنّ للمرأة حقّا في الإعفاف والتصوّن ، ودفع ضرر مدافعة الشهوة ، والخوف من الوقوع في الحرام ، وقطع وسيلة الشيطان عنهم بالنكاح ، وأداء الحقوق واجب على الآباء للأبناء كما وجب العكس ، وفي الجملة النكاح مستحبّ وفي تركه تعرّض لضرر دينيّ أو دنيويّ ، ومثل هذا لا تجب طاعة الأبوين فيه.
ويمكن اختصاص الدّعاء بالرّحمة بغير الكافرين ، إلّا أن يراد من الدعاء بالرحمة في حيوتهما ، بأن يوفّق لهما الله ما يوجب ذلك من الايمان فتأمّل ، والظاهر أن ليس الأذى الحاصل لهما بحقّ شرعيّ من العقوق مثل الشهادة عليهما لقوله تعالى (أَوِ الْوالِدَيْنِ) فتقبل شهادته عليهما ، وفي القول بوجوبها عليهما مع عدم القبول لأنّ في القبول تكذيب لهما بعد واضح ، وإن قال به بعض. وأمّا السفر المباح بل المستحبّ فلا يجوز بدون إذنهما لصدق العقوق ، ولهذا قاله الفقهاء وأمّا فعل المندوب فالظاهر عدم الاشتراط إلّا في الصوم والنذر ، على ما ذكروه وتحقيقه في الفقه.
(وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ وَكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً) سيجيء تفسيره (وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ) (٢) أي تعرض عن هؤلاء الّذين أمرتك بأداء حقوقهم عند مساءلتهم إيّاك لأنّك لا تجد شيئا تعطيهم حياء من ردّهم بغير شيء (ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها) لطلب الفضل والسعة الّتي يقدر معها الإعطاء ، ويحتمل أن يكون متعلّقا بجواب الشرط أي وإن تعرض عنهم (فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً) لابتغاء رحمة من ربّك أي لطلب وجه الله ترجوها برحمتك عليهم أو متعلّق بالشرط أي وإن تعرض عنهم لفقد رزق من
__________________
(١) البقرة : ٢٣٢.
(٢) أسرى : ٢٨.