فيها من الأجر الجزيل والثواب [لجميل] العظيم.
(كَذلِكَ) كما بيّن لكم هذه الأحكام والآداب (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ) الدالّة على جميع ما يتعبّدكم به (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) أي تعقلون معالم دينكم.
في الكشّاف (تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ) أي ثابتة بأمره مشروعة من لديه أو لأنّ التسليم والتحيّة طلب سلامة وحياة للمسلّم عليه ، والمحيّى من عند الله ، ووصفها بالبركة والطيب لأنّها دعوة مؤمن لمؤمن ، يرجى بها من الله زيادة الخير وطيب الرزق إلى قوله : وقالوا إن لم يكن في البيت أحد فليقل السلام علينا من ربّنا السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين السلام على أهل البيت ورحمة الله ، وعن ابن عبّاس : إذا دخلت المسجد فقل السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين تحيّة من عند الله وانتصب تحيّة بسلّموا لأنّها في معنى تسليما كقولك قعدت جلوسا ، والظاهر أنّ مراده إذا لم يكن في المسجد أحد هكذا يسلّم ، وإلّا فكالمتعارف ، ويحتمل العموم كما هو الظاهر ، ففيها وجوب السلام حين دخول بيت ما حملت على الاستحباب للإجماع على عدمه.
ولنردف الكتاب بآيات لها مناسبة به (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ) (١) خطاب له صلىاللهعليهوآله أي يا محمّد (إِنَّ رَبَّكَ) الّذي خلقك (لِلَّذِينَ عَمِلُوا) المعصية والسيّئات (بِجَهالَةٍ) في موضع الحال أي عملوها جاهلين غير عارفين بالله وبعقابه أو غير متدبّرين للعاقبة لغلبة الشهوة عليهم ، وفي مجمع البيان : بداعي الجهل ، فإنّه يدعو إلى القبيح كما أنّ داعي العلم يدعو إلى الحسن ، وقيل : بجهالة هو أن يعجل بالاقدام عليها ، ويعد نفسه للتوبة منها أو جعل العالم منزلة الجاهل حيث لم يعمل بعلمه فانّ العالم بالسيّئات والقبائح مع فعلها هو والجاهل سواء بل أسوء (ثُمَّ تابُوا) من تلك المعصية (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا) نيّاتهم وأفعالهم (إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها) أي بعد التوبة ، هذه تأكيد لما قبلها ، وفي ذكر (مِنْ بَعْدِها) مع الضمير الراجع إلى التوبة إشارة إلى أنّ الإصلاح عبارة عن إتمام التوبة بالإخلاص وعدم
__________________
(١) النحل : ١١٩.