أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ) (١) استفهام إنكار فكأنّه جعل المجادل الّذي يرى الحقّ في يد خصمه وينكر ولا يصدّقه والمفتري على الله كافرا فتأمّل. في مجمع البيان أي لا ظالم أظلم ممّن أضاف إلى الله ما لم يقله من عبادة الأصنام وغيرها ، (أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ) أي بالقرآن ، وقيل بمحمّد صلىاللهعليهوآله ويحتمل العموم فيهما كما هو الظاهر (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا) أي جاهدوا الكفّار ابتغاء مرضاتنا وطاعتنا ، أو جاهدوا أنفسهم في هواها خوفا ، وقيل معناه : اجتهدوا في عبادتنا رغبة في ثوابنا ورهبة من عقابنا (لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) الموصلة إلى ثوابنا عن ابن عبّاس ، وقيل : لنوفّقنّهم لازدياد الطاعة ليزداد ثوابهم ، وقيل معناه : والّذين جاهدوا في إقامة السنّة لنهدينّهم سبل الجنّة ، وقيل معناه والّذين يعملون بما يعلمون لنهدينّهم إلى ما لا يعلمون (وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) بالنصر والمعاونة في دنياهم ، والثواب والمغفرة في عقباهم وبالله التوفيق للعمل والعلم.
ومن وصيّة لقمان لابنه أنّه (لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (٢) و (أَقِمِ الصَّلاةَ) في أوقاتها بشرائطها (وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ) (٣) فيهما أو في الدنيا مطلقا ، ومعلوم راجحيّة هذه الأمور ، بل وجوبها. والصبر أيضا بمعنى تحريم عدم الرضا ، وإظهار ما يوجب لسخط الله ، ووصّى الله تعالى بين وصايا لقمان ، ولعلّه تركها (٤) لكونه أبا إشارة إلى أنّه لا بدّ من ذلك أيضا وأنّ وصيّته مثل وصيّة الله في وجوب الاتّباع وقد بالغ في ذلك حيث عمّ الوصيّة بهما ، وما خصّه بشيء دون آخر.
ويحتمل أن يكون المراد (حُسْناً) كما في موضع آخر ، وحيث فسّر الوصيّة بهما بالشكر لله بالحمد ، والطاعة بامتثال الأوامر وترك المناهي ، وشكرهما بالبرّ والصلة بل الطاعة ، فكأنّهما شقيق الله في وجوب الطاعة والشكر ، وأداء الحقوق
__________________
(١) العنكبوت : ٦٨ و ٦٩.
(٢) لقمان : ١٣.
(٣) لقمان ١٧.
(٤) يعنى ترك متن الوصية حيث قال تعالى (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ) ولم يقل حسنا كما في العنكبوت : ٧. فتأمل.