على وجوب وقوف المشعر بأنّ الأمر (١) بالذّكر أيضا يدلّ على وجوب الكون فيه ، فإنّ الذّكر بدونه غير ممكن «بأنّ الآية (٢) تدلّ على وجوب الذّكر وأنتم لا تقولون به» «بأنّه (٣) لا يمتنع أن نقول بوجوب الذّكر بظاهر الآية وأجيب بجواب آخر وهو أنّ الأمر بالذّكر يقتضي وجوب الكون في المكان المخصوص والذّكر جميعا ، فإذا دلّ الدّليل على أنّ الذكر مستحبّ غير واجب أخرجناه من الظّاهر وبقي الباقي ، وفيه تأمّل واضح ، إذ وجوب الكون إنّما كان مفهوما من وجوب الذّكر وأمره ، وإذا حمل على الاستحباب لدليل لم يبق لوجوب الكون أمر دالّ على الوجوب ، وهو ظاهر ، نعم يمكن ذلك لو قدّر شيء ، ويكون وجوب الكون مفهوما من ذلك الشيء أو جعل الذّكر : الكون مع النيّة أو العشاء الآخرة.
ثمّ الاستدلال على وجوب الكون في المشعر بوجوب الشكر المفهوم من قوله تعالى (وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ) مثل الذكر على أنّ كونه شكرا غير واضح ، وكذا وجوبه في المشعر الحرام حتّى يلزم منه وجوب الكون بها ، وبالجملة القول بوجوب وقوف المشعر ممّا لا ينبغي إنكاره لما ذكرناه بل للإجماع على الظاهر ، وينبغي أيضا القول بوجوب الذكر لظاهر الآية والأخبار ، مع عدم دليل صالح للمنع مثل الأصل الّذي استدلّ به ـ على عدم وجوب الذكر مطلقا والصلاة على النبيّ وآله عليهمالسلام في الموقفين كما هو مذهب ابن البرّاج ـ في المختلف فإنّه يضمحلّ بالآية والأخبار ، والخبران (٤) اللّذان استدلّ بهما في المختلف عليه غير صحيحين بل لا دلالة فيهما على عدم الوجوب ، بل ظاهرهما الوجوب في عرفات حيث يفهم من أحدهما أنّه إذا صلّى فيها وقنت يكفي وهو الذكر والدّعاء مع أنّه دهشته الناس ومن الآخر أنّه اشتغل بالحزن لموت أقاربه عن الدعاء قال عليهالسلام لا أرى عليه شيئا مع أنّه قال وقد أساء فليستغفر الله على أنّ إجزاء الوقوف بغير الدعاء لا يدلّ على
__________________
(١) وجه الاستدلال.
(٢) وجه الاعتراض.
(٣) وجه الجواب من كلام السيد.
(٤) التهذيب ج ١ ص ٤٩٩.