قسمته فليس الأمر مفوّضا إليه مع أنّ القصّة واحدة كما سيجيء إلّا أن يكون ذلك تفضّلا منه صلىاللهعليهوآله أو يكون المراد نفي قسمة ما أخذت عنوة فتأمّل.
(ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى) في الكشّاف لم يدخل العاطف على هذه الجملة لأنّها بيان للأولى فهي منها غير أجنبيّة بيّن لرسول الله صلىاللهعليهوآله ما يصنع بما أفاء الله عليه ، وأمره أن يضعه حيث يضع الخمس من الغنائم مقسوما على الأقسام الخمسة ، جعل الخمس خمسة أقسام بجعله لله للتبرّك ، وجعله البعض ستّة : سهم الله ، وسهم رسوله ، وذي القربى ، لرسول الله ، ثمّ للإمام القائم مقامه ، وبعض يجعل سهم الله في المساجد وعمارة الكعبة ، وبالجملة المشهور بين الفقهاء أنّ الفيء له صلىاللهعليهوآله وبعده للقائم مقامه ، يفعل به ما يشاء كما هو ظاهر الآية الاولى والآية الثانية تدلّ على أنّه يقسم كالخمس ، فإمّا أن يجعل هذا غير مطلق الفيء بل فيئا خاصّا كان حكمه هكذا ، أو منسوخا أو يكون تفضّلا منه صلىاللهعليهوآله وكلام المفسّرين أيضا هنا لا يخلو عن شيء كما فهمت عبارة الكشّاف فإنّها متناقضة (فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) هذه الأقسام الخمسة أو الستّة (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ) لكيلا يكون الفيء الّذي حقّه أن يعطى الفقراء [ليكون لهم] بلغة يعيشون بها ، ما يتداوله الأغنياء ويدور بينهم ، كما كان في الجاهليّة ، ومعنى الدّولة الجاهليّة أنّ الرؤساء منهم كانوا يستأثرون بالغنيمة لأنّهم أهل الرئاسة والدولة والغلبة والمعنى لئلّا يكون أخذه غلبة وأثره جاهليّة.
(لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) للفقراء بدل من قوله : لذي القربى والمعطوف عليه ، والّذي منع الأبدال من : لله وللرسول والمعطوف عليهما ، وإن كان المعنى لرسول الله أنّ الله عزوجل أخرج رسوله من الفقراء في قوله (وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) وأنّه يترفّع برسوله عن التسمية بالفقير ، وأنّ الإبدال على ظاهر اللفظ من خلاف الواجب في تعظيم الله عزوجل (أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) في أيمانهم وجهادهم