الجملة وإن كان بعد النهي وقلنا إنّه للإباحة بمعنى رفع الحظر أم لا ، وهذا يجري في المباشرة أيضا ، وتحريم الأكل والشرب بعد الفجر للغاية لأنّ مفهوم الغاية حجّة كما هو الحقّ المبيّن في الأصول وهذا على تقدير حمل الأمر على الإباحة بالمعنى الأعمّ واضح ، وبالمعنى الأخصّ كذلك بضمّ أمر آخر إليه لا على حمله على الاستحباب.
وليس ببعيد إخراج جزء ما قبل الفجر أيضا من باب المقدّمة ، فيحرمان في ذلك أيضا كما يحرمان في جزء من أوّل اللّيل كذلك كما هو المصرّح في الأصول والمدلّل فحينئذ يمكن أن لا يصحّ النيّة مقارنة للفجر ، فكيف في النهار ، لوجوب تقديمها على المنويّ بحيث لا يقع جزء منه خاليا عنها يقينا ، وذلك لم يتحقّق إلّا بوقوعها قبله ، ففهم أيضا وجوب النيّة ليلا لأنّ الصوم المنويّ الّذي هو الإمساك في تمام النهار مع جزء من اللّيل من باب المقدّمة لا بدّ أن لا يخلو عن النيّة يقينا ولو لم تكن في اللّيل لم يتحقّق ذلك ، نعم لو فرض تحقّق الصوم بدون جزء من الليل يمكن القول بالمقارنة ، فيسقط المقدّمة كما في سائر ما يجعلونه مقدّمة للواجب فبناء على ما تقرّر عندهم يلزم مقارنة النيّة لذلك الجزء ، فجوازها من أوّل اللّيل وكذا النهار فيما يجوّزونه يحتاج إلى الدليل.
فقد ظهر لك من ذلك أنّه على تقدير جعل «حتّى» غاية للمباشرة أيضا لا يدلّ على جواز الوطي إلى الفجر ، فيدلّ على جواز وقوع الغسل نهارا وصحّة صوم المصبح جنبا ، وما ذكره في الكشّاف بقوله : قالوا فيه دليل على جواز النيّة بالنهار في صوم شهر رمضان ، وعلى جواز تأخير الغسل إلى الفجر ، كما قاله القاضي أيضا غير ظاهر ، ثمّ إنّ الظاهر أنّ حتّى غاية للشرب لأنّ المذهب الحقّ الثابت في الأصول أنّ القيد المذكور بعد الجمل المتعدّدة للأخيرة فكأنّه أشار إليه صاحب الكشّاف بإسناد ما مرّ إلى الغير كيف لا ، وهو خلاف مذهب الحنفيّ؟ وأمّا هنا فيمكن تعلّقه بكلوا أيضا لأنّه مع الشرب كشيء واحد فكأنّهما جملة واحدة ، أو نقول ليس بمتعلّق إلّا بالشرب وكون الأكل مثله لدليل آخر من السنّة والإجماع