لاحتاجت إلى مشيّة اخرى ، وهكذا.
والجواب ظاهر ، فإنّه تعالى خلق الأشياء بالمشيّة ، والمشيّة بنفسها ، ألا ترى أنّ الأشياء تعلم بالعلم ، والعلم لا يعلم إلّا بنفسه ، وكذا الوجود يعرف بنفسه ، مع أنّ الأشياء تعرف به ، والتمثيل بالملح والدهن والسكّر وغير ذلك يدلّك على المطلق.
الثاني : أنّ المشيّة إمّا قائمة بالذات ، وإمّا بنفسها ، وإمّا بغيرهما.
وعلى الأوّل إمّا قديمة ، أو حادثة ، والأوّل هو المطلق ، والثاني موجب للمحال ، وهو وقوع القديم محلّا للحادث.
وعلى الثاني يلزم اتّحاد العارض والمعروض.
وعلى الثالث يلزم كون صفة الشيء عارضا لشيء آخر.
والجواب أوّلا : أنّ ذلك منقوض بسائر صفات الأفعال.
وثانيا بأنّ المشيئة قائمة بالذات لا بقيام العارض على المعروض ؛ كالبياض على الجسم ، بل قائمة به بالقيام الصدوريّ كالشعاع بالشمس ، فالحقّ الّذي يجب الإقرار به هو المذهب الأوّل.
ويدلّ عليه ما روي عن الرضا عليه السلام أنّه قال : المشيّة والإرادة من صفات الأفعال ، فمن زعم أنّ الله لم يزل شائيا ، فليس بموحّد (١).
وعن صفوان بن يحيى قال : قلت له عليه السلام : أخبرني عن الإرادة من الله ومن الخلق؟ قال : فقال : الإرادة من الخلق : الضمير ، وما يبدو لهم بعد ذلك من الفعل ، وأمّا من الله : فإرادته إحداثه لا غير ذلك ، لأنّه لا يروّي ولا
__________________
(١) التوحيد : ٣٣٧.