بذلك المقام ، وقد قال عليّ عليه السلام : اعلموا أنّ القرآن هدى الليل
والنهار ، ونور الليل المظلم .
الثالث :
التقليل من خمسة أشياء :
الأوّل :
اختلاط الخلق والترداد معهم ، فإنّه شاغل عن الحقّ ، مانع عن قربه ، وذاهل عن
الموت. نعم ، في صحبة السالكين والعلماء الزاهدين بركة ورحمة وهدى وموعظة
للمتّقين.
الثاني :
التمنّي ، فإنّه مواعيد الشيطان ، يضلّ العبد عن مراتب الإيقان ، ويسوّل الباطل في
نظر أهل النقصان.
الثالث :
التعلّق بما سوى الحقّ ، فإنّه يبعد العبد عن ساحة الربّ ، ويحرمه عن لذّة الجذب ،
ويعميه عن نور القلب.
الرابع : الشبع
، فإنّه يهيّج الشهوات ، ويغلب البطر والأشر ، ويكلّ الإدراك ، ويسدّ طرق الفهم
والإلهام.
الخامس :
المنام ، وهو يكسّل عن الطاعة ، ويكدّر الحواسّ ، ويورث النسيان ، ويميت قلب
الإنسان ، وينكّسه إلى مراتب سائر الحيوان.
قال بعض
العارفين : واعلم أنّ الجوع ينفي هذه الرذائل كلّها من النفس ، لأنّه يقلّ النوم ،
ويملّ عن الخلق ، ويضيّق مداخل الشيطان ، ويصقل القلب ، ويسدّ بالتذكّر باب
التمنّي ... إلى آخره.
فمن رعى هذه
الأمور الثلاثة لا تغلب عليه محبّة الدنيا وزخارفها ولذّتها الفانية ، فيفوز
باللذّات الروحانيّة الّتي لا نهاية لها أصلا ، بل هي
__________________