ثم إن المأمون بعد أن أصبح وأفاق من سكره أخبرته ابنته بما فعل ليلا بالإمام عليهالسلام ، فاضطرب وأرسل ياسرا (١) الخادم يكشف له الخبر ، قال في الحديث : فما لبث ياسر أن عاد إليه ، فقال : البشرى يا أمير المؤمنين. فقال : ولك البشرى ، ما عندك؟ قال : دخلت عليه ، فإذا هو جالس وعليه قميص وهو يستاك ، فسلّمت عليه وقلت : يا بن رسول الله ، أحبّ أن تهب لي قميصك هذا أصلّي فيه وأتبرّك به ، وإنما أردت أن أنظر إلى جسده هل به أثر جراحة وأثر السيف.
إلى أن قال : فقلعه ونظرت إلى جسده كأنه العاج مسّته صفرة وما به أثر.
ثم ساق الحديث إلى أن قال : قال عليهالسلام : «يا ياسر ، هكذا كان العهد [بيننا] (٢) وبينه ، حتى يهجم عليّ بالسيف ، اعلم أن لي ناصرا وحاجزا يحجز بيني وبينه» (٣) الحديث.
وفي جملة من الأخبار المرويّة في كتاب (المهج) (٤) وغيره (٥) أن أبا الدوانيق قد همّ غير مرّة بقتل الصادق عليهالسلام ، وكذلك الرشيد بالكاظم عليهالسلام ، فيدعون الله سبحانه في دفع ذلك عنهم ويحتجبون بالحجب المرويّة عنهم (٦) عليهمالسلام كما تضمّنه كتاب (مهج الدعوات) وغيره ، فيظهر الله تعالى من عظيم قدرته لذينك الطاغوتين ما يرهبهما به ، حتّى وقع كل منهما مغشيّا عليه غير مرّة. والوجه فيه ما عرفت.
__________________
(١) ليست في «ح».
(٢) من المصدر ، وفي النسختين : بين أبي.
(٣) انظر مدينة معاجز الأئمَّة عليهمالسلام ٧ : ٣٥٩.
(٤) مهج الدعوات : ٣٨ ـ ٤٥ ، ٢٢٠ ـ ٢٥٨ ، ٢٩٤ ، ٢٩٦.
(٥) البلد الأمين : ٦٣١ ـ ٦٤٠ ، المصباح (الكفعمي) : ٣٢٧ ـ ٣٢٨ ، بحار الأنوار ٩١ : ٢٧٠ ـ ٣٠٦ / ١ ، و ٩١ : ٣٣١ ـ ٣٣٧ / ٤ ـ ٥.
(٦) سقط في «ح».