فتبدّد ، وما كان ذلك الذي أصابهم يا حمران لذنب اقترفوه ، ولا لعقوبة معصية خالفوا الله فيها ، ولكن لمنازل وكرامة من الله أراد أن يبلغوها ، فلا تذهبن بك المذاهب فيهم» (١).
أقول : وهو صريح في المطلوب على الوجه المحبوب.
وروى الصدوق ـ نوّر الله مرقده ـ في (المجالس) في حديث طويل يتضمّن حبس الإمام الكاظم عليهالسلام عند الفضل بن الربيع مدّة ، وأنه أمره بقتله مرة فلم يفعل ، ثمّ حوّل عليهالسلام إلى حبس الفضل بن يحيى البرمكي ، فحبس عنده أياما ، فكان الفضل بن الربيع يبعث إليه في كلّ ليلة مائدة ومنع أن يدخل عليه من عند غيره ، فكان لا يأكل ولا يفطر إلّا على المائدة التي يولى بها ، حتى مضى على تلك الحال ثلاثة أيام ولياليها فلمّا كانت الرابعة قدّمت إليه مائدة الفضل بن يحيى ، فرفع يده إلى السماء ، فقال : «يا ربّ ، إنّك تعلم أني لو أكلت قبل اليوم كنت قد أعنت على نفسي» ، قال فأكل فمرض (٢).
وساق تتمة الحديث مما يدلّ على موته بسبب ذلك.
ومثله روى في (عيون أخبار الرضا عليهالسلام) ، فانظر إلى قوله عليهالسلام : «يا ربّ إنّك تعلم» (٣) انتهى.
وما فيه من الدلالة على أن أكله عليهالسلام مع علمه بالسمّ حين علم أن ذلك تمام الأجل المضروب وآخر العمر المكتوب ، ليس بإعانته على نفسه ، ولا بالقاء اليد إلى التهلكة المحرّم ، وأنه لو أكل قبل ذلك لكان قد أعان على نفسه وألقى بيده إلى التهلكة ، حيث إنه قبل الوقت المذكور غير مختار له في الأقضية السبحانيّة ولا مرضيّ له من الأقدار الربانيّة ؛ وذلك لأن الرشيد ـ لعنه الله ـ قد دسّ إليه السمّ
__________________
(١) الكافي ١ : ٢٦١ ـ ٢٦٢ / ٤ ، باب أن الأئمَّة عليهمالسلام يعلمون علم وما كان ....
(٢) الامالي : ٢١٠ ـ ٢١١ / ٢٣٥.
(٣) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ١٠٦ ـ ١٠٨ / ب ٨ ، ح ١٠.