جعفر عليهالسلام في حديث طويل : «وما اشتبه عليكم فقفوا عنده ، وردوه إلينا نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا» (١).
ولا ريب أن ما ذكره قدسسره من الأفراد مما علمت حليّته من الشريعة ، ودلت الأخبار على إباحته لا يكون من هذا في شيء ؛ أمّا جوائز الظالم ، فلقوله عليهالسلام في بعض تلك الأخبار : «خذ وكل فلك المهنّأ وعليه الوزر» (٢) ، ومثله غيره (٣).
وأمّا الحلال المختلط بالحرام ، فلقوله عليهالسلام في جملة من الأخبار : «كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه فتدعه».
ومثل ذلك ما ترجح في نظر الفقيه من الدليل ؛ فإنه الذي يجب عليه (٤) العمل به شرعا. وحينئذ كيف (٥) يكون هذا من الشبهة التي هي قسيم للحلال البيّن والحرام البيّن؟
والذي يقتضيه النظر في المقام أن يقال : إنه لا ريب ـ بمعونة ما ذكرنا ـ أن المراد بالشبهة ـ في مقام التقسيم إلى الأقسام الثلاثة المذكورة في تلك الأخبار ، ومثلها في أخبار أخر غير مشتملة على التقسيم ـ هو ما ذكرناه آنفا ، ولا مجال لدخول ما ذكره قدسسره في ذلك. إلّا إن معاني الشبهة مطلقا وأفرادها لا تنحصر في الأفراد التي أسلفناها ؛ لوجود بعض الأفراد لها مما يستحب اجتنابه والتورّع عنه ، وعلى هذا فتدخل هذه الأفراد التي ذكرها في الشبهة التي يستحب اجتنابها ، كما أوضحنا ذلك في مقدمات كتابنا (الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة) في المقدمة الموضوعة في بيان معنى الاحتياط وتحقيقه (٦) ، وعسى ننقلها في هذا
__________________
(١) الأمالي (الطوسي) : ٢٣٢ / ٤١٠ ، وسائل الشيعة ٢٧ : ١٢٠ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ٣٧.
(٢) الفقيه ٣ : ١٠٨ / ٤٤٩.
(٣) الكافي ٥ : ١١٠ ـ ١١٢ / ٣ ـ ٧ ، باب شرط من اذن له في أعمالهم.
(٤) ليست في «ح».
(٥) في «ح» : وكيف.
(٦) انظر الحدائق الناضرة ١ : ٦٥ ـ ٦٧.