جئناك ونحن نريد أن نجعل لك في هذا الأمر نصيبا يكون لك ولعقبك من بعدك ، إذ كنت عم رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وإن كان الناس أيضا قد رأوا مكانك ومكان صاحبك فعدلوا بهذا الأمر عنكما.
فقال عمر (١) : إي والله ، واخرى ، يا بني هاشم على رسلكم فإن رسول الله منا ومنكم ، ولم نأتكم لحاجة منا إليكم ولكن كرهنا أن يكون الطعن فيما اجتمع عليه المسلمون ، فيتفاقم الخطب بكم فانظروا لأنفسكم وللعامة.
فتكلم العباس فقال : إن الله ابتعث محمدا ـ صلى عليه وآله وسلم ـ كما وصفت نبيا وللمؤمنين وليا ، فإن كنت برسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ طلبت هذا الأمر فحقنا أخذت ، وإن كنت بالمؤمنين طلبت فنحن منهم ، ما تقدمنا في أمرك ولا تشاورنا ولا تؤامرنا ، ولا نحب لك ذلك إذ كنا من المؤمنين وكنا لك من الكارهين!!
وأما قولك أن تجعل لي في هذا الأمر نصيبا ، فإن كان هذا الأمر لك خاصة ، فأمسك عليك فلسنا محتاجين إليك ، وإن كان حق المؤمنين فليس لك أن تحكم في حقهم ، وإن كان حقنا فإنا لا نرضى منك ببعضه دون بعض ، وأما قولك يا عمر إن رسول الله منا ومنكم ، فإن رسول الله شجرة نحن أغصانها وأنتم جيرانها فنحن أولى به منكم؟!
وأما قولك إنا نخاف تفاقم الخي ب بلكم بهذا الذي فعلتموه أوائل
__________________
(١) فاعترض كلامه عمر وخرج الى مذهبه في الخشونة والوعيد ، وإتيان الأمر من أصعب جهاته. فقال : أي والله ، واخرى لم نأتكم حاجة اليكم ولكن كرهنا ... (الخ). هكذا في شرح النهج ج ١ ص ٢٢٠.