وتكلّم على من أنكر أنها من كلام غير علي ـ عليه السلام ـ ، أو قال : إنها من لفظ السيد الرضي بكلام يعلم منه أنه من كلام علي ـ عليه السلام ـ ، وقال : إن كلام الرضي لا يقع هذا الموقع ، ولا يبلغ هذا الحد.
وقال : إن مشايخنا من المعتزلة وغيرهم قد رووا هذه الخطبة عن علي ـ عليه السلام ـ وأثبتوها في مصنفاتهم قبل أن يكون الرضي موجودا بمدة (١) ، ثم إنه لم يسعه إنكارها واعترف بصحتها ، وأنه من كلام علي ـ عليه السلام ـ ، وحمل الشكايات الواردة فيها منه ـ عليه السلام ـ من الصحابة على انه إنما شكا على ترك الأولى لأنه كان ـ عليه السلام ـ الأولى والأحق بالخلافة منهم لفضله عليهم ، فلما عدلوا عن الأفضل الأحق إلى من لا يساويه في فضل ، ولا يوازنه في شرف ، ولا يقاربه في سؤدد وعلم ، صح له أن يبث بالشكوى والتظلم على هذا الوجه لا أنه على وجه الغصب والجور.
واعترضت عليه بأن ذلك غير مسموع لأنه نسبهم إلى أخذ حقه ، وسمى فعلهم نهبا ، قال : أرى تراثي نهبا ، وعنى بتراثه الخلافة لأنها إرثه من رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، وهكذا شرح ابن أبي الحديد هذا اللفظ ، فقال : وعنى بالأرث هنا الخلافة لأنها إرث من النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، ثم إن كان العدول عن الأولى لمصلحة لم يصح من علي ـ عليه السلام ـ الشكاية منهم فيما عملوه مصلحة للمسلمين ، وإن كان لا لمصلحة كان عدولا عن الأولى لمجرد التشهي فيكون مردودا ، هذا مع أن العذر إنما يتصور على رأي من يقول بتفضيل علي ـ عليه السلام ـ على
__________________
(١) نفس المصدر ج ١ ص ٢٠٥ ـ ٢٠٦.