وقال الله جل جلاله في مخالفتهم له في الأمن : (وإذا رأوا تجارة أولهوا انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين) (١) ، فذكر جماعة من المؤرخين أنه كان يخطب يوم الجمعة فبلغهم أن جمالا جاءت لبعض الصحابة مزينة فسارعوا إلى مشاهدتها وتركوه قائما ، وما كان عند الجمال شئ يرجون الانتفاع به (٢).
فما ظنك بهم إذا حصلت خلافة يرجون نفعها ورئاستها ، وقال الله تعالى في سوء صحبتهم ما قال الله جل جلاله : (ولو كنت فظا غليظ القلب لا نفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر) (٣) ، ولو كانوا معذورين في سوء صحبتهم ما قال الله جل جلاله (فاعف عنهم واستغفر لهم) ، وقد عرفت في صحيحي مسلم والبخاري معارضتهم للنبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ في غنيمة هو أذن لما أعطى المؤلفة قلوبهم أكثر منهم ، ومعارضتهم له لما عفى عن أهل مكة ، وتركه تغيير الكعبة وإعادتها إلى ما كانت في زمن ابراهيم ـ عليه السلام ـ خوفا من معارضتهم له (٤) ومعارضتهم له لما خطب في تنزيه صفوان بن المعطل لما
__________________
الحديد ج ١٣ ص ٢٧٨ ، الأفصاح للمفيد ص ٥٨ ، الأرشاد للمفيد ص ٧٤ ، مجمع البيان ج ٥ ص ٢٨ ، بتفاوت.
(١) سورة الجمعة : الاية ١١.
(٢) راجع : مسند أحمد ج ٣ ص ٣١٣ وص ٣٧٠ ، صحيح البخاري ج ٦ ص ١٧٩ ، الجامع الصحيح للترمذي ج ٥ ص ٣٨٦ ح ٣٣١١ ، الدر المنثور ج ٨ ص ١٦٥ ، جامع البيان للطبري ج ٢٨ ص ٦٧ ، مجمع البيان ج ١٠ ص ٤٣٣.
(٣) سورة آل عمران : الاية ١٥٩.
(٤) راجع : صحيح مسلم : ج ٢ ص ٩٦٨ ـ ٩٧٢ ح ٣٩٨.