فاطمة ـ عليها السلام ـ ورأى انصراف وجوه الناس عنه خرج عند ذلك الى المصالحة.
وهذه صورة حال تدل على أنه ما بايع مختارا ، وأن البخاري ومسلما رويا في هذا الحديث أنه ما بايع أحد من بني هاشم حتى بايع علي ـ عليه السلام ـ.
فقال : ما أقدم على الطعن في شئ قد عمله السلف والصحابة.
فقلت له : فهذا القرآن يشهد بأنهم عملوا في حياة النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وهو يرجى ويخاف والوحي ينزل عليه بأسرارهم في حال الخوف وفي حال الأمن وحال الصحة وإلايثار عليه ما لا يقدروا ان يجحدوا الطعن عليهم به ، وإذا جاز منهم مخالفته في حياته وهو يرجى ويخاف فقد صاروا أقرب إلى مخالفته بعد وفاته وقد انقطع الرجاء والخوف منه وزال الوحي عنه.
فقال : في أي موضع من القرآن؟
فقلت : قال الله جل جلاله في مخالفتهم في الخوف : (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين) (١) ، فروى أصحاب التواريخ أنه لم يبق معه إلا ثمانية أنفس ، علي ـ عليه السلام ـ والعباس ، والفضل بن العباس ، وربيعة ، وأبو سفيان ، ابنا الحارث بن عبد المطلب ، وأسامة بن زيد ، وعبيدة بن أم أيمن وروي أيمن بن أم أيمن (٢).
__________________
(١) سورة التوبة : الاية ٢٥.
(٢) راجع : تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٦٢ ، السيرة الحلبية ج ٣ ص ٦٧ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي