فصار الاجماع عليه وهو الحجة في صوابه ، ولم يخل ببرهانه كونه من أخبار الاحاد بما شرحناه ، مع أن التواتر قد ورد بأن أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ احتج به في مناقبه يوم الدار (١) ، فقال : أنشدكم الله هل فيكم أحد قال له رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر فجاء أحد غيري؟
قالوا : اللهم لا.
قال : اللهم اشهد ، فاعترف الجميع بصحته ، ولم يك أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ ليحتج بباطل ، لاسيما وهو في مقام المنازعة والتوصل بفضائله إلى أعلى الرتب التي هي الأمامة والخلافة للرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ ، وإحاطة علمه بأن الحاضرين معه في الشورى يريدون الامر دونه ، مع قول النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ : (علي مع الحق والحق مع علي يدور حيثما دار) (٢) وإذا كان الأمر على ما وصفناه دل على صحة الخبر حسبما بيناه.
فاعترض بعض المجبرة ، فقال : إن احتجاج الشيعة برواية إنس من
__________________
(١) قد احتج ـ عليه السلام ـ بحديث الطائر في عدة مواطن راجع : الاحتجاج للطبر سي ج ١ ص ١٢٤ وص ١٣٨ ، فرائد السمطين ج ١ ص ٣٢٢ ح ٢٥١.
(٢) راجع : الامامة والسياسة لابن قتيبة ج ١ ص ٧٣ ط مصطفى محمد بمصر وج ١ ص ٦٨ ط أخرى ، ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج ٣ ص ١١٩ ح ١١٦٢ ، صحيح الترمذي ج ٥ ص ٢٩٧ ح ٣٧٩٨ ، فرائد السمطين ج ١ ص ١٧٦ ـ ١٧٧ ح ١٣٨ ـ ١٤٠ ، شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ج ١٠ ص ٢٧٠ ، مستدرك الحاكم ج ٣ ص ١١٩ و ١٢٤ ، مجمع الزوائد ج ٧ ص ٢٣٥ ، كنز العمال ج ١١ ص ٦٠٣ ح ٣٢٩١٢ ، الملل والنحل ج ١ ص ١٠٣ ، تاريخ بغداد ج ١٤ ص ٣٢١ ، بتفاوت. وقال الرازي في تفسيره ج ١ ص ٢٠٥ : ومن اقتدى بعلي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ فقد اهتدى ، والدليل عليه قوله ـ صلى الله عليه واله وسلم ـ : اللهم أدر الحق مع علي حيث دار.