ومنهم من روى أن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ امر حفصة أن تأمر أباها أن يصلي بالناس (١) ، وهذا الخبر لا يصح لأن المهاجرين والأنصار لم يحتجوا به ولا ذكروه يوم السقيفة ، ولو صح هذا الخبر لما وجبت إمامة أبي بكر ، ولو وجبت الأمامة بالتقديم إلى الصلاة لوجب أن يكون عبد الرحمن بن عوف أولى بالأمامة ، لأنهم رووا عن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ أنه صلى خلفه ولم يختلفوا في ذلك (٢) ، وكيف يلزمنا أيها الملك قبول خبر عائشة وحفصة بجرهما النفع إلى أبيهما وإلى أنفسهما ، ولا يلزمهم قبول قول فاطمة ـ عليها السلام ـ وهي سيدة نساء العالمين فيما ادعته من أمر فدك (٣) ، وأن أباها نحلها إياها (٤) ، مع كون فدك في يدها سنين من حياته ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ مع شهادة علي والحسن والحسين ـ عليهم السلام ـ وشهادة أم أيمن لها (٥)؟ وكيف يصح
__________________
(١) صحيح البخاري ج ١ ص ١٧٣.
(٢) المغازي للواقدي ج ٣ ص ١٠١٢ ، تهذيب الكمال ج ١٤ ص ١٢٢.
(٣) يقول ابن أبي الحديد في شرح النهج ج ١٦ ص ٢٨٤ : سألت علي بن الفارقي مدرس المدرسة الغربية ببغداد ، فقلت له : أكانت فاطمة ـ عليها السلام ـ صادقة؟ قال : نعم ، قلت : فلم لم يدفع إليها أبو بكر فدك وهي عنده صادقة؟ فتبسم ، ثم قال كلاما لطيفا مستحسنا مع ناموسه وحرمته وقلة دعابته ، قال : لو أعطاها اليوم فدك بمجرد دعواها لجاءت إليه غدا وادعت لزوجها الخلافة ، وزحزحته عن مقامه ، ولم يكن يمكنه الاعتذار والموافقة بشئ ، لأنه يكون قد أسجل على نفسه أنها صادقة فيما تدعي كائنا ما كان من غير حاجة إلى بينة ولا شهود ، وهذا كلام صحيح ، وإن كان أخرجه مخرج الدعابة والهزل.
(٤) راجع : مجمع الزوائد : ج ٧ ص ٤٩ ، شرح نهج البلاغة ج ١٦ ص ٢٦٨ ، شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني ج ١ ص ٤٣٨ ـ ٤٤٢ ح ٤٦٧ ـ ح ٤٧٣.
(٥) الاحتجاج ج ١ ص ٩٢ ، شرح نهج البلاغة ج ١٦ ص ٢٦٩ ، فتوح البلدان للبلاذري ص ٤٣.
ولذا يقول امير المؤمنين علي ـ عليه السلام ـ في أمر فدك : بلى كانت في أيدينا فدك من كل