فقال الملك : القول كما يقوله المخالفون.
فقال الشيخ : وهنا حكاية أخرى ، وهي أنهم زعموا أن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لم يستخلف فخالفوه باستخلافهم من أقاموه وخالف النبي من أقامه بالأمر ، فلما حضرته الوفاة لم يعتد بالنبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ في ترك الاستخلاف على رغمه واستخلف بعده الثاني ، والثاني لم يعتدوا به ولا بالنبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ حتى جعل الأمر شورى في قوم معدودين ، وأي بيان أوضح من هذا؟
فقال الملك : هذا بين واضح ، فأي شبهة ولدوها في إمامة هذا الرجل وإقامته؟
فقال الشيخ : إنهم زعموا أن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قال : قدمه للصلاة ، وهذا خير لا يضر ، وقد اختلفوا فيه ، فمنهم من روى أن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قال لعائشة : أمرت أباك أن يصلي بالناس ، وأن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لما عرف تقدم أبي بكر خرج متكئا على علي ـ عليه السلام ـ وعلى الفضل بن العباس حتى دخل المسجد ، فنحى أبا بكر وصلى بالناس قاعدا وأبو بكر خلفه والناس كانت خلف أبي بكر (١).
__________________
ولهذا يعترض عبد الله بن عمر على أبيه حين لم يستخلف ، فقد روي عن سالم عن عبد الله ، قال : دخلت على أبي ، فقلت : سمعت الناس يقولون مقالة ، وآليت أن أقولها لك ، زعموا أنك غير مستخلف ، وأنه لو كان لك راعي إبل أو غنم ثم جاءك وتركها رأيت أنه قد ضيع ، فرعاية الناس أشد؟!!.
انظر : شرح النهج لابن أبي الحديد ج ١٢ ص ١٩٠.
(١) راجع مسند أحمد ج ٦ ص ١٢١ ، صحيح البخاري ج ١ ص ١٧٦ ، سنن ابن ماجة ج ١ ص ٣٨٩ ح ١٢٣٢ ، تاريخ الطبري ج ٣ ص ١٩٧ ، طبقات ابن سعد ج ٢ ص ٢١٧ ، تاريخ الاسلام للذهبي ج ٢ ص ٥٥٤.