فكيف لا يجوز على هذه الأمة بعد موت النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ أن تخالف وصيه وخليفته وخير الخلق بعده وتطيع سامري هذه الأمة؟ وإنما علي ـ عليه السلام ـ بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبى بعد محمد ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لما روي عن جميع أهل النقل.
فقال الملك للشيخ الفاضل : ما سمعت في المعنى كلاما أحسن من هذا ولا أبين.
فقال الشيخ (ره) : أيها الملك زعم القائلون بإمامة سامري هذه الأمة أن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ مضى ولم يستخلف واستخلفوا رجلا وأقاموه ، فإن كان ما فعله النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ على زعمهم من ترك الاستخلاف حقا فالذي أثبته القوم من الاستخلاف باطل ، وإن كان الذي أثبته الأمة من الاستخلاف صوابا فالذي فعله النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ خطأ ، فمن لم يحكم بالخطأ عليه يحكم به على النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ وعليهم.
فقال الملك : بل عليهم.
قال الشيخ (ره) : فكيف يجوز أن يخرج النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ من الدنيا ولا يوصي بأمر الأمة الى أحد ، ونحن لا نرضى من عقل أكار (١) في قرية إذا مات وخلف مسحاة وفأسا لا يوصي به إلى أحد من بعده (٢)؟
__________________
(١) وهو : الزراع يقال : أكرت الارض أي حفرتها وبه سمي الأكار ويراد هنا احتقاره (النهاية لابن الاثير ج ١ ص ٥٧).
(٢) حتى راعي الغنم لابد أن يوص على غنمه إذا اراد تركها في نظر العقلاء ، فكيف بمن يترك أمة كاملة ولا يوصي الى أحد!!