من الصلاة ، وهو وجه إيجابها تخييراً ، فنيّة الاستحباب بها يوجب المحذور السابق ). هذا لفظ الشارح في شرحه ، وهو حسن.
اللهمّ إلّا أن يقال : إن غاية ما لزم من الأخبار والإجماع صلاحيّة كلّ منهما للخروج به من الصلاة ، وأمّا ألّا يجوز إيقاعه لا بقصد الخروج ، بل لمجرّد الدعاء الذي يستحبّ في جميع الأحوال وبعد كلّ جزء من أجزاء الصلاة ، فلم يلزم ، وحينئذٍ فيقصد به الندب ، لكن لا يخفى أن الاحتياط خلافه.
فما اختاره في ( الألفيّة ) من انتفاء الاحتياط فيما جعله في ( الذكرى ) (١) احتياط قويّ ، وقولنا في الاستدلال له : إنه على تقدير أن يكون السلام علينا مخرجاً لا يضرّ عدم نيّة الخروج به ولا نيّة الخروج بغيره مدفوعٌ بأن المفروض ليس مجرّد عدم نيّة الخروج ، بل نيّة الندب ، ولا يخفى أنه ينافي كونه مخرجاً.
فقد يحصل لك ممّا عرّفناك أن الاحتياط للدين أن يقتصر على السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فإنه إن اقتصر على الآخر لم يخف ما فيه ، وإن جمع بينهما وقصد الخروج بالمتقدّم كان فيه ما عرفت ، إلّا أن يكون المتقدّم هذه العبارة ، فإن الأُخرى تكون مستحبّة بذلك المعنى الذي ذكرناه ، وإن قصد الخروج بالمتأخّر كان فيه ما عرفت الآن.
وأمّا قول يحيى بن سعيد (٢) : فهو مخالف للإجماع كما عرفت ، فلا التفات إليه ، ويقوّي كونه احتياطاً الروايةُ التي قدّمناها عن الباقر : صلوات الله عليه الناصّة بأن السلام علينا يفسد الصلاة ). يعني بها صحيحة مَيْسِرِ المتقدّمة (٣).
( والعجب من كثير من الأصحاب أنهم استدلّوا بها على كونه مخرجاً عن الصلاة على وجه التخيير بينه وبين السلام عليكم ، مع أنها صريحة أنه مفسد لها ، والمفسد وإن كان مخرجاً لكن لا بالمعنى الذي أرادوه ، ولا تصريح فيها بأنه في التشهّد الأوّل
__________________
(١) الذكرى : ٢٠٨ ( حجريّ ).
(٢) الجامع للشرائع : ٨٤.
(٣) تهذيب الأحكام ٢ : ٣١٦ / ١٢٩٠ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤٠٩ ، أبواب التشهّد ، ب ١٢ ، ح ١.