بالنصّ والإجماع. فإذن لم يؤمر النائي إلّا بحجّ التمتّع ، فلا يكون مأموراً بالمفردة ، والأمر سهل.
والغرض بيان أنه لا قائل بوجوب المفردة على النائي بأصل الشرع ، ولا نصّ يدلّ عليه ، والتتبّع حكم عدل.
فعلى هذا لو وصل أطراف مكّة من وجب عليه حجّ التمتّع بأصل الشرع ، لا يجب عليه أن يأتي بعُمرة مفردة لا قبل حجّه ولا بعده. فلو أراد دخول مكّة قبل أن يحرم بعُمرة التمتّع لغرض دينيّ أو دنيوي دخلها بعُمرة مفردة ، ينوي بإحرامه الندب. ونقل ما يدلّ على هذا من الأخبار وعبارات الأصحاب لا يليق بهذه الرسالة ، وعمل الفرقة على ما قلناه في سائر الأعصار من جميع أهل الأمصار بلا نكير ولا شبهة.
وأمّا ما في بعض الأخبار من مثل قول السائل : فمن تمتّع تجزي عنه؟ قال نعم (١) ، فلا ينافي ما قدّمناه من اختصاص الآفاقيّ بوجوب المتمتّع بها والمكّيّ بالمفردة ؛ فإن السائل علم أن العُمرة فرض كالحجّ ، وعلم أن المتمتّع بها داخلة في الحجّ كالجزء منه ، فسأل عمّن هي كذلك ، هل هي من العُمرة المفروضة فيجزي أداؤها ، أو يختصّ الفرض بعُمرة مبتولة؟
وبالجملة ، لم نجد خبراً ولا فتوًى بوجوب المتمتّع بها على من هو من حاضري المسجد الحرام ، ولا المبتولة على آفاقيّ. والمعروف من النص (٢) والفتوى (٣) أنه يشترط في فرض المتمتّع بها الاستطاعة إلى الحجّ معها وهو إجماع.
واختلفوا في المفردة ، ففي كلام جمع أن المشهور عدم توقّف وجوبها على الاستطاعة للحجّ (٤) ، وبالعكس ، فلو حصلت الاستطاعة لها وحدها وجبت وحدها ،
__________________
(١) الكافي ٤ : ٥٣٣ / ٢ ، وسائل الشيعة ١٤ : ٣٠٥ ، أبواب العُمرة ، ب ٥ ، ح ١٣.
(٢) وسائل الشيعة ١٤ : ٢٩٥ ، أبواب العمرة ، ب ١.
(٣) مدارك الأحكام ٨ : ٤٥٩.
(٤) رياض المسائل ٤ : ٣٩٧.