ألا ترى أن أهل البيت : عليهمالسلام في سورة هَلْ أَتَى قالوا ( إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً. إِنّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً ) (١) فأجاب تعالى بقوله ( فَوَقاهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ ) (٢) ، إلى غير ذلك من الآيات والأخبار في أمثال ما ذكرنا.
ولا شكّ في أن عبادة أهل البيت عليهمالسلام : وأمثالهم ما كانت خالية من الإخلاص ، بل من لاحظ حال العبّاد في جميع البلاد ، الصلحاء منهم والزهّاد ، علم أنه ليس فعل الواجبات منهم وترك المحرّمات إلّا خوفاً من الله أن يعاقبهم ، والمستحبّات منهم ليس إلّا طمعاً في المنافع والمثوبات ، وغيرُها لا يتأتّى منهم ، بل ولا يتيسّر. وأمّا من أحبّ الله تعالى أزيد من حبّ نفسه إلى أن يؤثر على نفسه ما أحبّ الله تعالى فلا يريد محبوبه بل يريد محبوب محبوبه ، ولا يكره مكروهة بل يكره مكروه مكروهة تعالى أمكنه العبادة خالصة عن إرادة الثواب ودفع العقاب ، ويقول : عقابي سهلٌ في جنب ترك مراده تعالى ، أُعاقب ولا أترك مطلوبه تعالى ، وأيّ ثواب ألذّ من تحقّق مطلوب محبوبي؟ وهذه الرتبة لا يدركها الخواصّ فضلاً عن العوامّ.
نعم ، هي رتبة خواصّ الخواصّ الذين لا يعبدون الله خوفاً وطمعاً ، بل حبّا له وكونه أهلاً للعبادة ، ومستأهلاً لهذا الفعل ) ، انتهى.
ولا يخفى ما في بعض أدلّته من الضعف ، مع أنه رحمهالله اختار فيما سوى هذه من الضمائم الراجحة ديناً أو دنيا أو المباحة أن صحّة العبادة معها تدور على أنها مقصودة بالتبعيّة ، والإخلاص بالأصالة وبطلانها على العكس. وعسى أن يمنّ الله أن ننقل شيئاً من كلامه في غيرها من الضمائم (٣). والفرق بين هذا وغيره من الضمائم المقصودة عسر غامض جدّاً حتّى لا يكاد يتحقّق الفرق بينهما.
إذا عرفت هذا ، وأن الأخبار بظواهرها متعارضة الدلالة على الصحّة والبطلان ،
__________________
(١) الإنسان : ٩ ـ ١٠.
(٢) الإنسان : ١١.
(٣) في « م » : ( من الضمائم في غيرها ).