أشهر مرّة أو ستّة أو سبعة .. إلى آخره. والاستدلال بهذا على مضمون المتن من أن مَنْ كانت كذلك فعدّتها ثلاثة أشهر على الإطلاق ، حسن مطابق ، لكنّه غير خفي عدم تطابق الخبرين في الدلالة والمورد ، بل كلّ واحد له متعلّق ودلالة تغاير الآخر.
فخبرا زرارة : في الصنف الأوّل ، وهو المذكور في كلام المحقّق : في المقولة الاولى ، وصحيح ابن مسلم : مورده الصنف الثاني ، وهو المذكور في كلامه في المقولة الأُخرى ، والشارح لمّا توهّم دخول الصنف الثاني في حكم الأوّل استدلّ بالجميع هنا وبخبر زرارة في الصنفين معاً ، وورد عليه الإشكال ، وإلزامهم بالقول بما ينفيه العقل والنقل من الكتاب والسنّة والإجماع وإطلاقاتهم وحصرهم أطول العدد.
السابع : قوله : ( إن الأخبار دلّت على اعتبار سلامة ثلاثة أشهر بعد الطلاق من الحيض ) (١). إن أراد أنه كذلك في الصنفين كما هو ظاهر كلامه في شرح المقولتين فممنوع كما عرفت ، وإن أراد أنها تدلّ على ذلك بالنسبة إلى الصنف الأوّل المذكور حكمه في المقولة الأُولى دون الصنف الثاني المذكور حكمه في المقولة الثانية ، فمسلّم ، لكن عليه لا يبقى إشكال ؛ لأنه إنما نشأ من عدم الفرق بين حكمي الصنفين.
وإذ قد تبيّن الفرق في النصّ والفتوى ، واختصاص الصنف الثاني بأنها تعتدّ بثلاثة أشهر خاصّة على كلّ حال ، فلا إشكال ، وقد اعترف هو رحمهالله أن عبارات الأصحاب تأبى إجراء حكم الصنف الأوّل على الثاني ، وإدخال الثاني تحت حكم الأوّل.
وبالجملة ، فهذا البحث منه رحمهالله غير محقّق ولا منقّح ، بل مضطرب متدافع متناقض ، ومنشأ الاضطراب عدم التفاته إلى الفرق بين الصنفين فتوًى ودليلاً حال الكتابة. وكلامه في ( الروضة ) (٢) كما هنا مبنيّ على خلطهما حكماً ، وقد تبعه في فتواه في ( الروضة ) بعض أئمّة المعاصرين في شرح ( النافع ) (٣) ، والمعصوم مَنْ عصمه الله.
__________________
(١) مسالك الأفهام ٩ : ٢٥١ ، باختلاف.
(٢) الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة ٦ : ٥٨ ـ ٥٩.
(٣) رياض المسائل ٧ : ٣٦١ ـ ٣٦٤.