هذا ، وقال ابن الجنيد : إن الإمام إن كان في صفّ سلّم على جانبيه (١). قيل : وفي بعض الأخبار ما يدلّ عليه (٢).
أقول : ولا بأس بما قاله ؛ لأن الإيماء إلى إحدى الجهتين ظاهره تخصيص مَنْ عليها بالسلام ، فأيّ بأس في تخصيص مَنْ على الأُخرى بتسليم آخر ) ، انتهى.
وأقول : أنت خبير بأنه لا تلازم بين اعتبار الاستقبال في المنفرد وبين اعتباره في غيره ؛ لجواز اختصاص كلّ بحكم ، فحمله عليه قياس أو يشبهه.
وما قاله في ( المسالك ) (٣) حسن ، لكن ليس معناه بحسب الظاهر ما قاله هذا الفاضل من أنه يستقبل بـ : « السلام عليكم » ، ثمّ يومئ بقول ورحمة الله وبركاته ، إلّا أن تقول بأن ورحمة الله وبركاته مستحبّة محضة خارجة عن التسليم بالكلّيّة ، وقد حقّقنا أنه لا وجه له ولا دليل عليه ، وإنما التسليم في الصلاة كغيرها واجب مخيّر بين السلام عليكم ، أو ورحمة الله وبركاته.
وكون أقلّ الواجب السلام عليكم لا ينافي هذا ، ولا يدلّ على ما قاله من تفسير عبارة ( المسالك ) اقتصار الشهيد فيها على ذكر السلام عليكم ، فإنه أقلّ الواجب كما اعترف به هذا الفاضل وغيره ؛ لأن الصيغة الوسطى والكبرى على ما حقّقناه مستحبّ عيني واجب تخييري كما هو معلوم بالإجماع في غير الصلاة ، وعدم ظهور الفارق بعد ثبوت أن التسليم في الصلاة هو بعينه تحيّة الإسلام المعهودة كما سبق بيانه ، ومن البيّن أن مراد ( المسالك ) (٤) الإيماء بعد كمال التسليم الشامل للرتب الثلاث المتأدّي بالدنيا منها ، على أنه اعترف بأن ما قاله في عبارة ( المسالك ) خلاف الظاهر ، فكفانا مؤنة النزاع.
__________________
(١) عنه في مختلف الشيعة ٣ : ٥١٦ / المسألة : ٣٧٩ ، بالمعنى.
(٢) تهذيب الأحكام ٢ : ٣١٧ / ١٢٩٧ ، وسائل الشيعة ٦ : ٤١٩ ، أبواب التسليم ، ب ٢ ، ح ٢.
(٣) مسالك الأفهام ١ : ٢٢٥.
(٤) مسالك الأفهام ١ : ٢٢٥.