حركات الطفل وسكناته يمكن أن تراعى بدقة في الأسرة بينما تضيع أفعاله وسط أفعال مائة طفل كموجة بين مئات الأمواج في البحر حيث تصطدم بعضها ببعض ، وتزول كلها .
|
« يجب ألا يكون
التعليم مانعاً من التوجيه الصائب . . . مثل هذا التوجيه يعود إلى الوالدين ، فهما وحدهما وبصفة أخص الأم ، قد لاحظا منذ شبّا الصفات الفسيولوجية والعقلية التي يهدف التعليم إلى تنظيمها وتوجيهها . . . . لقد ارتكب المجتمع العصري غلطة جسيمة حينما استبدل المدرسة بتدريب الأسرة إستبدالاً تاماً . . . ولهذا تترك الأمهات أطفالهم لدور الحضانة حتى يستطعن الأنصراف إلى أعمالهن ، أو مطامعهن الإِجتماعية ، أو مباذلهن ، أو هوايتهن الأدبية أو الفنية أو للعب البريدج ، أو إرتياد دور السينما ، وهكذا يضيعن أوقاتهن في الكسل . . . إنهن مسؤولات عن إختفاء وحدة الأسرة واجتماعاتها التي يتصل فيها الطفل بالكبار فيتعلم منهم أموراً كثيرة . . . إن الكلاب الصغيرة التي تنشأ مع كلاب أُخرى من عمرها نفسه في حظيرة واحدة لا تنمو نمواً مكتملاً كالكلاب الحرة التي تستطيع أن تمشي في أثر والديها . . . والحال كذلك بالنسبة للأطفال الذين يعيشون وسط جمهرة من الأطفال الآخرين ، وأُولئك الذين يعيشون بصحبة راشدين أذكياء لأن الطفل يشكل |
____________________
( الأم هي المعلمة الأولى ) : « تستطيع الأم الفاضلة أن تؤدي مهمة مائة أُستاذ من أساتذة المدارس . هذا ما قاله الشاعر الإِنجليزي جورج هربرت وهذا ما أثبته التاريخ .فجورج واشنطون أول رئيس للجمهورية في الولايات المتحدة الأمريكية . كان قد فقد أباه وهو في الحادية عشرة من عمره ، وما كان ليشب على نحو ما شب عليه من رصانة الخلق وقوة الشخصية لو تكن أمه على جانب كبير من الحكمة والإِقتدار . وقد تولت تربيته ، منفردة ، بعد وفاة أبيه . ويصدق ذلك كثيراً أو قليلاً على عدد من أعلام الأدب والعلم والشعر عبر التاريخ نذكر منهم على سبيل المثال : جوته ، وجري ، وشيللر ، وبيكون ، وأرسكني . فلولا تربية أمهاتهم لهم لما احتل هؤلاء مكانتهم بين الأعلام المبدعين » .
عن مجلة العربي العدد ٩٥ ص : ٥٩ .