كلام آخر له في إعراض المشهور
ثم : ان له دام ظله كلاما في كون إعراض المشهور موهنا قال : إذا كان الخبر الصحيح أو الموثق موردا لقيام السيرة ومشمولا لإطلاق الأدلة ، فلا وجه لرفع اليد عنه لإعراض المشهور عنه. نعم : إذا تسالم جميع الفقهاء على حكم مخالف للخبر الصحيح أو الموثق في نفسه يحصل العلم أو الاطمئنان بسبب ذلك بان هذا الخبر لم يصدر من المعصوم أو صدر عن تقية فيسقط الخبر المذكور عن الحجية.
واما إذا اختلف العلماء على قولين وذهب المشهور منهم الى ما يخالف الخبر الصحيح أو الموثق وأعرضوا عنه واختار غير المشهور منهم ما هو مطابق للخبر المذكور فلا وجه لرفع اليد عن الخبر الذي يكون حجة في نفسه لمجرد أعراض المشهور عنه (١).
ان القائل بكون الاعراض موهنا ومسقطا للحجية إنما يستند الى قوله عليهالسلام في مقبولة عمر بن حنظلة : « فإن المجمع عليه لا ريب » ولا ينطبق ذلك الا على ما إذا بلغت الشهرة إلى حد جعل الخبر المشهور مما لا ريب في صحته ، والخبر الشاذ مما لا ريب في بطلانه ، ولا ينطبق ذلك الأعلى القسم الأول المذكور في كلامه لا القسم الثاني ، فيصير النزاع لفظيا.
احياء الدوارس أو نشر مآثر القدماء الفقهية
كل ذلك يوجب سعى الفضلاء الى الحصول على آثار القدماء ومآثرهم ورسائلهم وكتبهم سواء ألفت على نمط الفقه المنصوص أو على نمط الفقه المستنبط ولهذه الغاية قامت مؤسسة سيد الشهداء بتحقيق كتاب الجامع للشرائع للفقيه يحيى بن سعيد الحلي ( ٦٠٠ ـ ٦٨١ ) كما قامت بتحقيق كتاب المهذب للفقيه الأقدم عبد العزيز بن البراج.
وهذا الجزء الذي يزفه الطبع الى القراء الكرام هو الجزء الثاني منه
__________________
(١) مصباح الأصول ج ٢ ص ٢٠٣