والقضاء لا ينعقد للقاضي الا بان يكون من أهل العلم والعدالة والكمال ، وكونه عالما : بان يكون عارفا بالكتاب والسنة ، والإجماع ، والاختلاف ، ولسان العرب واما القياس فلسنا نعتبره ، لان استعماله في الشريعة عندنا باطل.
فاما الكتاب ، فيفتقر في تعرفه إلى المعرفة بأشياء وهي : العام والخاص ، والمحكم والمتشابه ، والمفسر ، والمطلق والمقيد ، والناسخ والمنسوخ فاما العموم والخصوص لئلا يتعلق بعموم قد دخله الخصوص مثل قوله سبحانه « وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتّى يُؤْمِنَّ » (١) هذا عام في كل مشركة ، حرة كانت أو امة وقوله تعالى « وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ » (٢) خاص في الحرائر فلو تمسك بالعموم غلط وكذلك قوله « فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ » (٣) عام وقوله « مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ » (٤) خاص في أهل الكتاب.
واما المحكم والمتشابه ليقضى بالحكم وبالمفسر كقوله « أَقِيمُوا الصَّلاةَ » (٥) وهذا غير مفسر وقوله « وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ » (٦) و ( حِينَ تُمْسُونَ ) ـ يعنى المغرب والعشاء والآخرة ـ وحين تصبحون.
واما المطلق والمقيد ليبنى المطلق على المقيد مثل قوله سبحانه « وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ » (٧) فهذا مطلق في العدل والفاسق وقوله « وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ » (٨) مقيدا بالعدالة فيبني المطلق عليه.
واما الناسخ والمنسوخ يقضى بالناسخ دون المنسوخ ، كآية العدة بالحول (٩) والآية التي تضمنت العدة بالأشهر (١٠)
__________________
(١) البقرة ، ٢٢١
(٢) المائدة ، ٥
(٣) التوبة ، ٥
(٤) التوبة ، ٩
(٥) البقرة ، ٤٣
(٦) الروم ، ١٨
(٧) البقرة ، ٢٨٢
(٨) الطلاق ، ٢
(٩) البقرة ، ٢٤٢ « وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ .. »
(١٠) البقرة ، ٢٣٥ « وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً »