ضمانها سواء أخذها أو لم يأخذها فإن كانت الوديعة في غير حرز مثل ان يكون دنانير أو دراهم مصبوبة في شيء فيأخذ المودع منها دينارا أو درهما لم يكن عليه الا ضمان ما أخذه دون الباقي لأنه هو الذي تعدى فيه ، وغيره على ما كان عليه فان رد ما أخذه بعينه سواء تميز من الباقي أو لم يتميز منه فإنه لا ضمان عليه.
فان لم يرد ذلك بعينه بل رد بدله فان كان هذا البدل يتميز من الباقي كان عليه ضمان ما أخذه دون الباقي ، وان كان لا يتميز من ذلك كان عليه ضمان الجميع ، لأنه خلط مال صاحب الوديعة بمال غيره من غير اذن مالكه له في ذلك.
وإذا كانت الوديعة حيوانا وامره صاحبها بعلفها وسقيها لزمه ذلك فان لم يفعل حتى هلكت من تركه لذلك كان عليه ضمانها. فان سقاها بنفسه في بيته كان ذلك منه غاية في حفظه لها ولا ضمان عليه وكذلك إذا أمر غلامه بسقيها في بيته لأن العادة جارية بأن يأمر الإنسان غلامه بذلك ولا يتولاه بنفسه.
فان كان في داره نهر أو بئر تسقى دوابه منه ويمكنه سقى الوديعة منه فأخرجها إلى بئر ليسقيها كان عليه الضمان لأنه أخرجها من غير حاجة الى إخراجها ولا عذر له في ذلك وان لم يكن في داره بئر ولا نهر فأخرجها إلى موضع جرت العادة في بلده بإخراج الدواب اليه ليسقي منه من بئر أو نهر فحدث بها حادث لم يكن عليه ضمان.
فان كان المودع أطلق الأمر ولم يذكر للمودع سقيا ولا علفا لزمه ذلك ، لان العادة جارية بأن السقي والعلف لا بد منه. فإن أمره بان لا يعلفها ولا يسقيها فهلكت من تركه لذلك لم يكن عليه ضمانها ، وان كان هو آثما في تركه القيام بها وقبول أمر صاحبها بترك ذلك ، ويجرى ذلك مجرى امره له بأن يقتل عبده فقتله في انه يكون آثما بقبول امره بقتله وسقوط ضمانه له.
وإذا كانت الوديعة من الإبل والبقر والغنم أو غير ذلك من الحيوان وصاحبها غائب ، فأنفق المستودع بغير أمر الحاكم كان ، متطوعا فان رفع امره الى الحاكم واثبت عنده ان الوديعة وديعة لزيد الغائب ، أمره الحاكم بالنفقة عليها فتكون هذه