وهل يشترط في المال التأجيل؟ قيل : لا ، فيجوز حالا ، وفيه نظر لجهالة وقت الحصول ، ولعدم ملك العبد حالة العقد ، إذ ما بيده لمولاه ، وتجويز حصول الزكاة والهبة تعليق للواجب بالجائز ، وقيل نعم ، وبالأوّل قال أبو حنيفة ومالك وبعض أصحابنا ، وبالثاني قال الشافعيّ وأكثر الأصحاب ، وهو أولى ، نعم شرط الشافعيّ تعدّد الأجل ، وليس بشيء بل يكفي واحد لحصول الغرض به.
٧ ـ الخير ورد بمعنيين الأوّل ما يرجع إلى الأمور الدينيّة كقوله تعالى : ( وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ ) (١) وأمثاله والثاني ما يرجع إلى الأمور الدّنيويّة كقوله تعالى ( وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ) (٢) وقوله ( إِنْ تَرَكَ خَيْراً ) (٣) واختلف في المراد هنا ، فقال الشيخ : هما معا ، بناء على حمل المشترك على كلا معنييه ، وبه قال الشافعي ومالك ، وقال ابن عبّاس هو الأوّل فقط أعني الأمانة ، وقال الحسن البصريّ والثوريّ هو الثاني أعني الاكتساب فقط.
ويتفرّع عليه صحّة كتابة العبد الكافر ، فعلى الأوّلين لا يصح ، وعلى الثّاني يصح ، والأوّل أقوى ، إذ الكافر لا خير فيه ، ولأنّ فيه تسليطا للكافر على المسلمين ، ولأنّه يعطى من الزكاة ، والكافر لا يعطى منها ، ولا يرد المؤلّف قلبه إذ إعطاؤه لغرض التقوي به على الجهاد.
فرع : المراد بالعلم ههنا الظنّ المتاخم للعلم.
٨ ـ قال المفسّرون في قوله « وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ » إنّ المراد ضعوا عنهم شيئا من نجومهم ، فقيل الربع وقيل ليس بمقدّر ، وقال الفقهاء : السيّد إن وجب عليه الزكاة ، وجب عليه إعانة مكاتبه منها ، لقوله « مِنْ مالِ اللهِ » أي من الزكاة كما تقدّم في قوله « وَفِي الرِّقابِ » وإن لم يجب عليه استحبّ إعانته من مال نفسه ، وهذا قول أكثر أصحابنا.
__________________
(١) البقرة : ١٩٧.
(٢) القارعة : ٨.
(٣) البقرة : ١٨٠.