وقال بعضهم يجب الإيتاء مطلقا ، وبه قال الشافعيّ وقيل يستحب مطلقا ، وبه قال أبو حنيفة ، ولبعض متأخّري الأصحاب تفصيل لا وجه له وهو : وجوب إيتاء من يموت مكاتبا مطلقا عاجزا وكون المؤتي يجب عليه الزكاة ، وإن كان غير سيّده ، وبه قال بعض المفسّرين ومثار (١) هذه الأقوال من أصلين هنا :
الأوّل : هل الأمر للوجوب أو الاستحباب ، قيل بالأوّل لأنّه حقيقة فيه كما تقرّر في الأصول وبه قال الأكثر ، وقيل بالثّاني لأصالة البراءة ، ولأنّ أصل الكتابة ليس بواجب ، فلا يجب تابعه.
الثاني : هل المراد بمال الله هو الزكاة لأنّه المتبادر إلى الفهم؟ أو المال مطلقا لأنّ الله هو المالك لجميع الأشياء ، ونحن المنتفعون خاصّة ، قيل بالأوّل وقيل بالثاني.
إذا عرفت هذا فنقول : من قال بوجوب الإعانة مطلقا ، قال إنّ الأمر هنا للوجوب ، وإنّ المال ليس هو الزكاة ، ومن قال بالاستصحاب مطلقا ، قال إنّ الأمر للندب ، والمال ليس هو الزكاة ، ومن قال بأنّ المال هو الزكاة والأمر للوجوب ، فذلك ظاهر ، ومن قال إنّ المال هو الزكاة والأمر للندب جعل تخصيص مكاتبه أولى ، لأنّه إعانة له على فكّ رقبته
والحق ما ذكرناه أوّلا لأنّ الأمر حقيقة في الوجوب ، فيكون مشروطا بوجوب حصول مال ، وهو الزكاة ، لأنّ شرط الواجب واجب ، وأمّا إذا لم يجب الزكاة بوجه استحبّ الإيتاء ، لأنّه تعاون على البرّ والتقوى ، فيدخل تحت قوله ( وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى ) (٢) » ولأنّه فكّ رقبة ، فيدخل تحت قوله « ( فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ ) (٣) ».
فروع
١ ـ لا يتقدر ما يعطيه السيّد قلّة وكثرة لإطلاق اللّفظ.
__________________
(١) في بعض النسخ : منشأ.
(٢) المائدة : ٢.
(٣) البلد : ١٤.