السابعة ( الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ ) (١).
قالت الشافعيّة المراد التطليق الرّجعيّ اثنان لما روي أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله سئل أين الثالثة فقال عليهالسلام « أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ » وقال أصحابنا والحنفيّة (٢) المراد
__________________
(١) البقرة : ٢٢٩.
(٢) الا ان الحنفية قائلون بأنه إذا طلقها في طهر واحد ثنتين أو ثلاثا دفعة واحدة أو متفرقة فعل محرما وعصى وأثم ، الا أن ذلك واقع ، وبه قال مالك أيضا والإمامية قائلون بعدم الوقوع كما سيصرح به المصنف رضوان الله عليه.
وعلى كل ، فكفانا كتاب الله العزيز وقد قال : الطلاق مرتان ـ الى آخر الآية ـ إذ لا يفهم منه الا وقوع الطلاق مرة بعد مرة ، وهذا يقتضي أن تكون تطليقتين متفرقتين لأنهما ان كانا مجتمعتين لم يكن مرتين ، وتعريف الطلاق بالألف واللام أيضا لبيان أن الطلاق المشروع مرتان ، فما جاء على هذا فليس بمشروع.
ثم قوله سبحانه في آخر الآية ( فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ) كالصريح في أن الطلاق الذي يمنع عن الرجوع هو الثالث الواقع بعد المرتين اللتين كان الزوج فيهما مخيرا بين الإمساك والتسريح بإحسان ، أي تركها وشأنها مع الإحسان إليها حتى في هذه المرحلة الأخيرة من حياتهما الزوجية.
قال الزمخشري في تفسير الآية ص ٢٧٨ ج ١ من الكشاف : التطليق الشرعي تطليقة بعد تطليقة على التفريق دون الجمع والإرسال دفعة واحدة ، ولم يرد بالمرتين التثنية ، ولكن التكرير كقوله ( ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ ) أي كرة بعد كرة ، لا كرتين اثنتين انتهى ما أردنا نقله.
أقول : ولأجل ذلك جعل النبي صلىاللهعليهوآله خلاف ذلك تلاعبا بكتاب الله ففي سنن النسائي ج ٦ ص ١٤٢ :
أخبرنا سليمان بن داود عن ابن وهب قال : أخبرني مخرمة عن أبيه قال : سمعت محمود بن لبيد قال : أخبر رسول الله عن رجل طلق امرءته ثلاث تطليقات جميعا فقام غضبان ثم قال : أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم حتى قام رجل وقال : يا رسول الله ألا أقتله؟.