إلى سبع ، وقال بعض أصحابنا الذنوب كلّها كبائر ، وإنّما صغر الذنب وكبره بالإضافة إلى ما فوقه وما تحته ، فأكبر الكبائر الشرك بالله ، وأصغر الصّغائر حديث النفس وبينهما وسائط يصدق عليها الأمران ، فالقبلة بالنسبة إلى الزّنا صغيرة وبالنسبة إلى النظر كبيرة ، فمعنى التكفير في الآية أنّ المكلّف متى عن له أمران منها ودعته نفسه إليهما بحيث لا يتمالك إلّا أن يكفها عن الأكبر منهما يكفّر عنه ما ارتكب لا للاحباط بل بما استحقّ من الثواب على اجتناب الأكبر.
٣ ـ الإصرار على الصّغيرة إمّا فعلي وهو المداومة على نوع واحد منها بلا توبة ، أو الإكثار من جنس الصّغائر بلا توبة ، وإمّا حكميّ وهو العزم على فعل تلك الصّغيرة بعد الفراغ منها أمّا من فعل صغيرة ولم يخطر بباله بعدها توبة ولا عزم على فعلها فالظاهر أنه غير مصرّ ، ولعلّه مما يكفّره الأعمال الصالحة كما تقدّم توجيهه.
٤ ـ المروّة المشار إليها فيما تقدّم هي تنزيه النفس عن الدناءة الّتي لا يليق بأمثاله كالسخرية والمزاح الكثير ، وكشف العورة الّتي يتأكّد استحباب سترها في الصّلاة والأكل في الأسواق غالبا ، ولبس الفقيه لباس الجنديّ بحيث يسخر منه وبالعكس ، وبالجملة المباحات الّتي يستخفّ بفاعلها ، وليس من ذلك الصنائع الدّنيّة كالكنس والحجامة والحياكة وإن استغنى عنها.
الرابعة عشرة ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً ) (١).
يريد كونوا مواظبين على العدل مجتهدين في إقامته « شُهَداءَ لِلّهِ » أي تقيمون الشهادة لوجه الله وهو خبر كان أو حال « وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ » أي ولو كان ذلك بإقراركم
__________________
(١) النساء : ١٣٥.