وإلا لما صحّ بيع الوليّ والوكيل ، ولو حمل على ظاهره فيكون المراد لا بيع إلّا فيما هو ملك أو كالملك ، بسبب الرضا أو الاذن ، واشتراط التقدم ممنوع يحتاج مثبتة إلى دليل.
٨ ـ ( وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ) فإنّه إذا قتل غيره قتل به قصاصا فصار هو القاتل لنفسه ، أو المضاف محذوف أي أنفس غيركم فحذف لعدم الاشتباه ، وقيل الكلام على ظاهره لأنّه تعالى كلّف بني إسرائيل أن يقتلوا أنفسهم ليكون القتل توبة لهم عن ذنوبهم ، فرفع ذلك عن امّة محمّد صلىاللهعليهوآله رحمة لهم ، ولذلك قال ( إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً ).
ويحتمل أن يكون المراد لا تهلكوا أنفسكم بارتكاب الإثم في أكل المال بالباطل ، وهو وجه حسن ليكون الكلام بعضه آخذا بحجزة بعض.
الثانية ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ وَمَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ) (١).
كان الرجل في الجاهلية إذا حل له مال على غيره وطالبه به ، يقول له الغريم : زد لي في الأجل حتّى أزيدك في المال ، فيفعلان ذلك ويقولان سواء علينا الزيادة في أوّل البيع بالربح أو عند المحلّ لأجل التأخير ، فردّ الله عليهم بقوله « لا يَقُومُونَ » أي من قبورهم إلّا قياما كقيام المصروع ، زعمت العرب أنّ المصروع يخبطه الشيطان فيصرعه ، والخبط حركة على غير النحو الطبيعيّ وعلى غير اتّساق كخبط العشواء « مِنَ الْمَسِّ » أي من مسّ الشيطان والجار متعلّق ب « لا يَقُومُونَ » أي لا يقومون من المسّ الّذي بهم إلّا كما يقوم المصروع : بمعنى أنّ نهوضهم و
__________________
(١) البقرة : ٢٧٥.