قُلُوبُكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ) (١).
يمكن أن يكون هذا جواب سؤال مقدّر ، تقديره إذا نهى عن جعل الله عرضة للأيمان ، هلك الناس لكثرة حلفهم بالله ، فأجاب بقوله « لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ » و « اللغو » لغة هو الساقط أو ما لا فائدة فيه ، واختلف في المراد بالآية فقال طاوس هي يمين الغضبان ، وقال الحسن هي يمين الظانّ ، وهو أن يحلف على شيء يظنّه أنه على ما حلف عليه ولم يكن ، وبه قال أبو حنيفة وقال ابن عبّاس هو قول الرّجل لا والله وبلى والله ممّا يؤكّد به كلامه من غير قصد إلى القسم حتّى لو قيل له إنّك حلفت قال لا ، وبه قال الشافعيّ وأصحابنا وهو المروي عن الباقر والصادق عليهماالسلام (٢).
وقال مالك هي الحلف على الماضي وهي الغموس ، والمراد بعدم المؤاخذة هو عدم العقاب ، وعدم الكفّارة معا ، وقال الزّمخشري : يكفي عدم أحدهما ، وفيه نظر لأنّه لو ثبت أحدهما لثبت المؤاخذة ، لكنّه ليس فليس.
قوله « وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ » الفرق بين كسب اللّسان وكسب القلب أنّ القلب لا يخالف النفس المكلّفة بخلاف اللّسان ، فإنّه فضوليّ قد يخالفها ، ويصدر منه ما لم يأذن به النفس ، فلا يليق بالحكيم المؤاخذة بما لم تأذن النفس في فعله ، وفي هذا الكلام إشارة إلى اشتراط القصد في اليمين والنيّة ، فلا يقع يمين الغضبان ، غضبا يرتفع معه القصد ، وكذا الساهي والغافل « وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ » يغفر لكم ما لم يكسبه قلوبكم ، ويحلم عنكم بعدم المؤاخذة.
الثالثة ( لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ ذلِكَ كَفّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ
__________________
(١) البقرة : ٢٢٥.
(٢) الكافي ج ٧ ص ٤٤٣.