وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) (١).
هنا فوائد :
١ ـ قد تقدّم معنى يمين اللّغو ونزيد هنا فنقول : الحقّ أنّه ما يسبق إلى اللسان من غير قصد ، وسئل الحسن عنه فقال الفرزدق وكان حاضرا دعني أجبه يا أبا سعيد فقال :
وليست بمأخوذ بلغو تقوله |
|
إذا لم تعمّد عاقدات العزائم |
وهو الّذي أردناه ، وذلك أنّ حكم الأيمان حكم الايمان ، فكما أنّ الايمان باللّسان ليس إيمانا في الحقيقة ما لم يعقده بقلبه كذلك الأيمان باللّسان ليس بأيمان يوجب كفّارة [ ولا ] إثما.
٢ ـ قرأ حمزة والكسائيّ « عَقَّدْتُمُ » بالتخفيف وقرء ابن عامر « عاقدتم » وهو من فاعل بمعنى فعل كعافاه الله ، والباقون بالتشديد ، ومعنى الجميع وثّقتم أيمانكم بالقصد والنيّة.
ومنع الطبري من قراءة التشديد لأنّه لا يكون إلّا مع تكرير اليمين ، والحال أنّ المؤاخذة تحصل باليمين الواحدة وأجيب بوجوه :
الأوّل : أنّ التعقيد أن يعقدها بقلبه ولسانه ، ولو عقد بأحدهما لا غير لم يكن تعقيدا ، الثاني قال أبو علي الفارسي أنه لتكثير الفعل ولمّا كان مخاطبا للكثرة يقوله « لا يُؤاخِذُكُمُ » اقتضى كثرة اليمين والتعقيد كقوله « ( وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ ) (٢) » قال أو يكون « عقّد » مثل ضعّف فإنّه لا يراد به التكثير كما أنّ ضاعف لا يراد به فعل من اثنين ، الثالث قال الحسن بن علي المغربي : في التكثير فائدة وهو أنّه إذا كرّر اليمين على المحلوف الواحد ، ثمّ حنث لم يلزمه إلّا كفّارة واحدة ، على خلاف بين الفقهاء.
__________________
(١) المائدة : ٨٩.
(٢) يوسف : ٢٣.