أيّ شيء كان ، سواء كان العارض حاجزا بين الشيئين كما يقال فلان عرضة دوننا أو لم يكن بل يكون معرضا للشيء كما يقال فلان عرضة للناس ، أي نصب للوقوع فيه.
فعلى هذا يحتمل أن يكون الآية من المعنى الأوّل أي لا تجعلوا الله حاجزا لأيمانكم أي حاجزا لما حلفتم عليه ، وسمّي المحلوف عليه يمينا لتلبّسه باليمين كقول النبيّ صلىاللهعليهوآله لعبد الرّحمن بن سمرة « إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فأت الذي هو خير » (١) ويكون « أَنْ تَبَرُّوا » نصبا على أنه عطف بيان « لِأَيْمانِكُمْ » أي للأمور المحلوف عليها الّتي هي البرّ والتقوى والإصلاح ، كذا قيل ، وفيه نظر لأنّ حمل الأيمان على المحلوف عليه إن صحّ كان مجازا ولا يصار إليه إلّا مع تعذر الحقيقة ، وليست متعذّرة لجواز أن يكون الآية من المعنى الثاني أي لا تجعلوا الله معرضا لأيمانكم أي لا تكثروا الحلف به حتى في المحقّرات ، وفي غير المهمّات الضروريّة ، ولذلك ذمّ الحلّاف بقوله « وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلّافٍ مَهِينٍ » (٢) ويكون « أَنْ تَبَرُّوا » علّة للنهي أي أنهاكم عن ذلك إرادة برّكم وتقواكم وإصلاحكم بين الناس ، فانّ الحلّاف مجترئ على الله والمجترئ ، لا يكون بارّا ولا متّفقا ولا موثوقا به في إصلاح ذات البين.
ويستفاد من التأويل الأوّل أنّه متى تضمن اليمين ترك برّ أو تقوى أو إصلاح ، فإنّها باطلة لا يجب العمل بمضمونها ، ويجوز مخالفتها ومن الثاني النهي عن كثرة الأيمان ، وإن كانت صادقة.
وقد ورد في ذلك أحاديث كثيرة وهذا الّذي فسّرنا به الآية هو تحقيق ما قاله المفسّرون ، ولهم هنا أقوال في الآية أعرضنا عنها لعدم تحقيقها.
الثانية ( لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ
__________________
(١) تراه في مشكاة المصابيح ص ٢٩٦ وقال : متفق عليه.
(٢) القلم : ١٠.