خطيئتي ، فاوح إلى نبيّك ، وإن لم تستجب لي دعائي ولم تغفر لي خطيئتي ، واردت عقوبتي ، فعجّل بنار تحرقني ، أو عقوبة في الدّنيا تهلكني ، وخلّصني من فضيحة يوم القيامة ، فأنزل الله تبارك وتعالى على نبيّه ( صلى الله عليه وآله ) : ( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً )(٧) يعني الزّنى ( أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ) (٨) يعني بارتكاب ذنب أعظم من الزّنا ونبش القبور وأخذ الأكفان ( ذَكَرُوا اللَّـهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ )(٩) يقول : خافوا الله فعجّلوا التّوبة ، ( وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّـهُ )(١٠) .
يقول عزّ وجلّ : أتاك عبدي يا محمّد تائباً فطردته ، فأين يذهب ، وإلى من يقصد ، ومن يسأل أن يغفر له ذنباً غيري ؟ ثم قال عزّ وجلّ : ( وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ )(١١) يقول : لم يقيموا على الزّنى ونبش القبور وأخذ الأكفان ( أُولَـٰئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ )(١٢) .
فلما نزلت هذه الآية على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، خرج وهو يتلوها وهو(١٣) يتبسّم ، فقال لأصحابه : « من يدلّني على ذلك الشّاب التّائب ؟ » فقال معاذ : يا رسول الله ، بلغنا أنّه في موضع كذا وكذا ، فمضى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بأصحابه ، حتّى انتهوا إلى ذلك الجبل فصعدوا إليه يطلبون الشّاب .
فإذا هم بالشّاب قائم بين صخرتين ، مغلولة يداه إلى عنقه ، قد اسودّ وجهه ، وتساقطت أشفار عينيه من البكاء ، وهو يقول : يا سيّدي قد أحسنت خلقي ، وأحسنت صورتي ، فليت شعري ماذا تريد بي ؟ أفي النّار تحرقني ؟ أو في جوارك تسكنني ؟ اللّهم إنّك قد أكثرت الإِحسان إليّ
____________________________
(٧ ، ٨ ، ٩ ، ١٠ ، ١١) آل عمران ٣ : ١٣٥ .
(١٢) آل عمران ٣ : ١٣٦ .
(١٣) ليس في المصدر .