يا موسى كيف تخشع لي خليقة لا تعرف فضلي عليها وكيف تعرف فضلي عليها وهي لا تنظر فيه وكيف تنظر فيه وهي لا تؤمن به وكيف تؤمن به وهي لا ترجو ثوابا وكيف ترجو ثوابا وهي قد قنعت بالدنيا واتخذتها مأوى وركنت إليها ركون الظالمين.
يا موسى نافس في الخير أهله فإن الخير كاسمه ودع الشر لكل مفتون.
يا موسى اجعل لسانك من وراء قلبك تسلم وأكثر ذكري بالليل والنهار تغنم ولا تتبع الخطايا فتندم فإن الخطايا موعدها النار.
يا موسى أطب الكلام لأهل الترك للذنوب وكن لهم جليسا واتخذهم لغيبك إخوانا وجد معهم يجدون معك.
يا موسى الموت يأتيك لا محالة فتزود زاد من هو على ما يتزود وارد على اليقين
______________________________________________________
النظر في ذلك ملزوم لعدم الخشوع ، إذ الخشوع إنما يحصل يتذكر نعمه تعالى ، وتوقع إحسانه وفضله وانتظار رحمته ، واستجلاب نعمته في الدنيا والآخرة بالدعاء والتضرع والبكاء.
قوله تعالى : « فإن الخير » المراد أن الخير لما دل بحسب أصل معناه في اللغة على الأفضلية وما يطلق عليه في العرف والشرع من الأعمال الحسنة هي خير الأعمال فالخير كاسمه ، أي إطلاق هذا الاسم على تلك الأمور على الاستحقاق ، والمعنى المصطلح مطابق للمدلول اللغوي ، أو المراد أن الخير لما كان كل أحد يستحسنه إذا سمعه فهو حسن واقعا ، وحسنه حسن واقعي. والحاصل : أن ما يحكم به عقول عامة الناس في ذلك مطابق للواقع ، ويحتمل أن يكون المراد باسمه ذكره بين الناس ، أي إن الخير ينفع في الآخرة كما يصير سببا لرفعة الذكر في الدنيا.
قوله تعالى : « اجعل لسانك من وراء قلبك » أي كلما أردت أن تتكلم به فابدأ أولا باستعمال القلب والعقل فيه ، والتفكر في أنه هل ينفعك التكلم به ثم تكلم به ، فيكون اللسان بعد القلب ووراءه ويمر الكلام أولا بالقلب ثم باللسان ، ويحتمل أن يكون المراد لا تتكلم بما لا يعتقده قلبك ويحتمل الأعم.