و اعلموا أنه بئس الحظ الخطر لمن خاطر الله بترك طاعة الله وركوب معصيته فاختار أن ينتهك محارم الله في لذات دنيا منقطعة زائلة عن أهلها على خلود نعيم في الجنة ولذاتها وكرامة أهلها ويل لأولئك ما أخيب حظهم وأخسر كرتهم وأسوأ حالهم عند ربهم
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : « بئس الحظ » إلخ ، في القاموس (١) : خطر بباله وعليه يخطره ، ويخطر خطورا : ذكره بعد نسيان ، وأخطره الله تعالى والخطر بالفتح ويحرك : الشرف ، وبالتحريك : الإشراف على الهلاك ، والسبق : يتراهن عليه ، وقدر الرجل ، وتخاطروا تراهنوا ، وخاطر بنفسه أشفاها على خطر هلك أو نيل ملك. وقال في النهاية (٢) : « فيه لعبد الرحمن خطر أي حظ ونصيب ، ومنه حديث النعمان بن مقرن قال يوم نهاوند : إن هؤلاء ـ يعني المجوس ـ قد أخطروا لكم رثة ومتاعا وأخطرتم لهم الإسلام ، فنافحوا عن دينكم ، الرثة : رديء المتاع ، يعني أنهم قد شرطوا لكم ذلك ، وجعلوه رهنا من جانبهم ، وجعلتم رهنكم دينكم أراد أنهم لم يعرضوا للهلاك إلا متاعا يهون عليهم ، وأنتم عرضتم لهم أعظم الأشياء قدرا وهو الإسلام. أقول : الأظهر أن المراد بالخطر هو ما يتراهن عليه ، وخاطر الله أي راهنه ، فكأنه جرى مراهنة بين العبد والرب تعالى ، والسبق الذي يحوزه العبد لذات الدنيا الفانية ، والسبق الذي للرب تعالى عقاب العبد ، فبئس الحظ والنصيب ، الحظ والسبق الذي يحوزه عند مخاطرته ومراهنته مع الله بأن يترك طاعته ويرتكب معصيته. ويحتمل على بعد أن يكون الخطر في الموضعين بمعنى الإشراف على الهلاك ، أو بمعنى الخطور بالبال ، أو على التوزيع والله يعلم.
قوله عليهالسلام : « وأخسر كرتهم » الكرة : الرجوع ، والمراد الرجوع إلى الأبدان في الحشر أو الرجوع إلى الله للحساب.
وقال الله تعالى : « تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ » (٣) ونسبة الخسران إلى الكرة والخيبة
__________________
(١) القاموس المحيط : ج ٢ ص ٢٢.
(٢) النهاية : ج ٢ ص ٤٦.
(٣) سورة النازعات : ١٢.