الأدب ولا نصب أوضع من الغضب ولا جمال أزين من العقل ولا سوأة أسوأ من الكذب ولا حافظ أحفظ من الصمت ولا غائب أقرب من الموت.
أيها الناس إنه من نظر في عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره ومن رضي برزق الله لم يأسف على ما في يد غيره ومن سل سيف البغي قتل به ومن حفر لأخيه بئرا وقع فيها ومن هتك حجاب غيره انكشف عورات بيته ومن نسي زلله استعظم زلل غيره ومن أعجب برأيه ضل ومن استغنى بعقله زل ومن تكبر على الناس ذل ومن سفه على الناس شتم ومن خالط الأنذال حقر ومن حمل ما لا يطيق عجز.
أيها الناس إنه لا مال هو أعود من العقل ولا فقر هو أشد من الجهل ولا واعظ هو أبلغ من النصح ولا عقل كالتدبير ولا عبادة كالتفكر ولا مظاهرة
______________________________________________________
العقلانية التي توسطوا في الحياة المعنوية بالإيمان والعلوم والكمالات.
قوله عليهالسلام : « ولا نصب » بالصاد في أكثر النسخ أي التعب الذي يتفرع على الغضب من أخس المتاعب ، إذ لا ثمرة له ولا داعي إليه إلا عدم تملك النفس ، وفي بعض النسخ بالسين أي نسب صاحب الغضب الذي يغضب على الناس بشرافته نسبا (١) ، أوضع الأنساب في الكلام تقدير والظاهر أنه تصحيف.
قوله عليهالسلام : « ولا سوءة » السوءة : الخلة القبيحة.
قوله عليهالسلام : « من نظر في عيب نفسه » اشتغل عن عيب غيره إما لكثرة ما يظهر عليه من عيوب نفسه فيحزنه ذلك ، أو يشتغل بدفعها فلا يتوجه إلى عيوب غيره أو لأنه يظهر عليه من عيوب نفسه ما هو أشنع مما يرى في غيره ، فلا يعظم عنده عيب غيره ولا يعيبهم عليها لما يرى في نفسه.
قوله : « ومن خالط الأنذال » النذل : الخسيس من الناس المحتقر في جميع أحواله ، أي ذوي الأخلاق الدنية.
قوله عليهالسلام : « أعود » أي أنفع.
قوله عليهالسلام : « ولا واعظ » لعل المراد أن من ينصح الناس ولا يغشهم ويأمرهم
__________________
(١) في النسخة المخطوطة « بشرافة نسبه ... ».