واعلموا أنه إنما أمر ونهى ليطاع فيما أمر به ولينتهى عما نهى عنه فمن اتبع أمره فقد أطاعه وقد أدرك كل شيء من الخير عنده ومن لم ينته عما نهى الله عنه فقد عصاه فإن مات على معصيته أكبه الله على وجهه في النار.
واعلموا أنه ليس بين الله وبين أحد من خلقه ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا من دون ذلك من خلقه كلهم إلا طاعتهم له فاجتهدوا في طاعة الله إن سركم أن تكونوا مؤمنين حقا حقا و « لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ » وقال وعليكم بطاعة ربكم ما استطعتم فإن الله ربكم.
واعلموا أن الإسلام هو التسليم والتسليم هو الإسلام فمن سلم فقد أسلم ومن لم يسلم فلا إسلام له ومن سره أن يبلغ إلى نفسه في الإحسان فليطع الله فإنه من أطاع الله فقد أبلغ إلى نفسه في الإحسان.
______________________________________________________
ولا غيرهم بين الخلق وبين الله توسطا مستقلا ، بدون الطاعة بل شفاعتهم وتوسطهم مشروط بقدر من الطاعة.
قوله عليهالسلام : « فإن الله ربكم » هو الله القادر القاهر المستجمع لجميع صفات الكمال المستحق لأشرف العبادات فيلزمكم بذل وسعكم وطاقتكم وفي عبادته قوله ( عليهالسلام ) « هو التسليم » أي انقياد الله في أوامره ونواهيه ، والتسليم لأئمة الحق ومتابعتهم وإذعان ما يصدر عنهم وإن كان بعيدا عن أفهام الخلق.
قوله عليهالسلام : « أن يبلغ إلى نفسه في الإحسان » يقال : بالغ في أمره أي اجتهد ولم يقصر ، وكان الإبلاغ هنا بمعنى المبالغة وقوله : « إلى نفسه » متعلق بالإحسان أي يبالغ ويجتهد في الإحسان إلى نفسه هذا هو الظاهر بحسب المعنى.
ويؤيده ما ذكر في الإساءة وفي تقديم معمول المصدر عليه إشكال ، ويجوز بتأويل كما هو الشائع ، ولعل التقديم والتأخير من النساخ.
ويحتمل أن يكون الإبلاغ بمعنى الإيصال أي أراد أن يوصل إلى نفسه أمرا كاملا في الإحسان ، والأول أظهر ، والشائع في مثل هذا المقام بلغ من المجرد يقال بلغ في الكرم أي حد الكمال فيه.